Thursday, April 29, 2010

هجـــرة...؟
















نسمع عن حالات الموت الذى يداهم اناس يركبون البحر طلبا للهجرة...؟

وهناك من يعتقد ويفترض حسب منطقه وقناعاته " عقلا ومنطقا وشرعا " أن يهاجر الغرب إلى أرض العرب،،،
لأنها أرض الرسالة المحمدية الخالدة وبها مهبط الوحي وملتقى الحضارات وأرض الآثار وبلاد السياحة ووسط الدنيا ومنبر الثقافات المتنوعة!!!!، لكن الواقع يقول ان الاية انقلبت... فهاجر كثير من العرب إلى بلاد الغرب؛
فما دخلنا مدينة في أوروبا وأميركا، إلا وجدنا الجالية العربية تملأ الجامعات والمدارس والمصانع والمساجد، منهم من هرب من القمع والجَلد والتعذيب وتكميم الأفواه ومصادرة الحريات، وآثار التعذيب في صدره وظهره، ومنهم من سافر لطلب الرزق بعد أن عضه الفقر ونهشه الجوع ودمّرته البطالة والعطالة، ومنهم من ارتحل لطلب المعرفة وترك بلاده التي تصنف جامعاتها في آخر سلّم جامعات الدنيا. وهؤلاء العرب الذين شردوا من بلادهم كان الكثير منهم فقيرا أو أميّا أو مدخولا في عقله من آثار الكبت، فمنهم من وصل سالما وكأنه خرج من الجحيم، ومنهم من غرق في البحر ليفر من نار تلظى، ومنهم من سلم نفسه لمراكز الشرطة والأمن في بلاد الغرب
وبعدما وصل هؤلاء العرب إلى الغرب تحولوا إلى مهندسين وأطباء وأساتذة وكتّاب ومفكرين؛...لماذا؟ ...تأتى الاجابة ... لأنه فتحت أمامهم أبواب المعرفة والعمل والإنتاج والإبداع والاكتشاف والاختراع وبقي زملاؤهم في العالم العربي، منهم من تقاعد وأصيب بالسكري وضغط الدم والهلوسة والهذيان والخرف فصار أصلع مقعدا ، ومن زملائهم من تحول إلى عمل خاص في رعي الغنم وتكسير الحطب والمشاركة في الرقصات الشعبية وتمجيد القبيلة والتنديد والوعيد للقبائل الأخرى، ومنهم من لزم بيته ينتظر الموت وقد كتب وصيته وودع أهله وهو يفكر في الآية: «قُلْ إِنَّ المَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ»
".
.............
......
دخلنا مدينة فورت كلنز في ولاية كلورادو في أميركا فاستضافنا رجل عربى أخذ اللجوء السياسي بعدما هرب من بلاده شريدا طريدا معذبا مبعدا مكبوتا، فعمل في الولاية ثم اشترى مزرعة، استضافنا فيها،،،، فيها أنواع الشجر وصنوف الثمر وعنده أبقار وأغنام وقد بنى فيها فيللا جميلة، مع الماء العذب والحدائق الغنّاء،،، فأكرمنا أي إكرام، ووصف لنا حاله الأول في بلده وحاله الثاني فأخذنا العجب؛!!
كيف يفر الإنسان من وطنه بعدما يُنكّل به ويُعذّب ,,, إلى دولة نشتمها صباح مساء ويسميها بعضنا «الشيطان الأكبر» ويدعو عليها خطباؤنا من فوق المنابر ثم يتحول المسلم الفقير المطرود من أرضه، المعذّب في وطنه، إلى غني يملك بيتا ومزرعة ووظيفة ويعيش أرقى حياة وأسعد حال في ولاية أمريكية

لماذا لا نفكر نحن العرب في مآسينا ومصائبنا ونعترف أن كثيرا من دولنا ألغت ونحّت العدل وصادرت الحريات واستولت على الحقوق وشطّبت على حرية الرأي وحوّلت البلاد إلى سجن كبير، بينما في الغرب يناقشون أمورهم بهدوء ويحلّون أزماتهم بالحوار ويسوسون رعاياهم بالعدل. ولا يكفينا هذا بل إن الكثير منا يتغنى بإنجازات وهمية ومشاريع شفوية ليعيش أحلام اليقظة ومهرجان ألف ليلة وليلة؛ لأنه يعيش الوهم فيخدع نفسه ويضحك على ذقنه ويستهزئ بتاريخه ويسخر من أمته
....
قطعنا آلاف الأميال في القطارات الأوروبية والأميركية فإذا الترتيب والنظام والنظافة وحماية البيئة والذوق الراقي واحترام الآخر...ورغم اعترافي بنقائص موجودة ولكننى اركز هنا على المبنى الجميل ولا اركز على "صفيحة الزبالة" القابعة فى ركن قصى من المبنى .....هناك رأى يقول ، أن المادية الغربية تجاهلت الجانب الروحى وحوّلت الإنسان إلى آلة، لكن إذا نظرت إليهم في عالم الدنيا ونظرت إلى بلاد العرب،- إلا ما رحم ربك - ، لوجدت البون الشاسع وكأن الدنيا لا علاقة لنا بها وكأن

الدنيا لم يخلقها الله كما خلق الاخرة
....

نقرأ في تعاليم الاسلام النظام والعدل وحسن الخلق والدعوة للسلام وحقوق الإنسان واحترام الآخر وعدم تجريح المشاعر والاهتمام بالبيئة وطلب المعرفة والحث على العمل والإنتاج وعمارة الارض ومحاربة الفقر والجهل والمرض والظلم، فنجد الغرب يطبقون ذلك ونجد كثيرا من العرب يقولون ذلك بألسنتهم، أما واقعهم فمرير وقاس ومؤلم

أرجو أن نكف عن لعنهم وشتمهم والدعاء عليهم ونشتغل بإصلاح أنفسنا وتحسين مستوانا والرقي بجامعاتنا، وتنظيف بيئتنا وعمارة أرضنا وتقويم عوجنا ومعالجة أخطائنا. ...
بعدها قد يعود العرب إلى أرضهم.... وربما ..ربما هاجر الغرب إلى أرض العرب



منقول بتصرف

Tuesday, April 27, 2010

الخوف







يسألني الكثيرون: ألا تخاف ؟ ، ويتطوع الكثيرون بالإجابة عن هذا السؤال – نيابة عني – بقولهم " فلان لا يخاف "
سبب السؤال بعض القصائد السياسية التي توصف بالجرأة، وسبب الإجابة (بالنيابة عني) أنني مازلت مصراً على نفس المنهج الشعري
ولكن – والحق أقول – أريد أن أعترض على السؤال ، وعلى الإجابة
وجه اعتراضي على السؤال أنه يرسخ ثقافة الخوف في قلوب الناس، وكأن الأصل في الإنسان أن يكون جبانا، إمعة، تافها، مسيراً ... لا حول له ولا قوة
ووجه اعتراضي على الجواب أنه خاطئ
أنا أخاف
بل أخاف جداً ، وليست البطولة أن لا يخاف المرء ، بل أن ينتصر على مخاوفه ، ولو كان المرء لا يخاف من الارتفاعات الشاهقة ، فلا بطولة له حين يطل من شاهق ، إن عدم الخوف يحول الإنسان إلى شيء شبيه بالملائكة ، وهم مخلوقات لا فضل لهم بعبادتهم لله، فهم مفطورون على ذلك ، يسبحون الله آناء الليل وأطراف النهار
إن الخوف شعور إنساني نبيل ، وهو مفجر لطاقات فردية وجماعية كبرى ، فكم من الأفراد ارتكب من أفعال البطولة الكثير لأنه يخاف على أسرته أو عرضه أو رزقه أو أرضه ، وكم من الشعوب والجيوش تقشفت وعانت خوفاً على وجودها من تهديدات عظمى
بل إن الخوف محرك للعمل الأخروي عظيم، لا العمل الدنيوي فقط
قال تعالى: "ولمن خاف مقام ربه جنتان" ، والقرآن يعترف بقدرة الظالمين على تخويف أهل الخير ، يقول سبحانه: " إنما ذلِكمُ الشيطان يُخَوِّفُ أَولياءه "
أَي يجعلكم تخافون أَولياءه ، أو كما قال بعض المفسرين: يخوفكم بأَوليائه
لست أرى عيـبا في الخوف ، ولست أرى عيباً في أن أصرح بخوفي ، ولست من الذين يحتقرون الشعوب التي تخاف ( وعلى رأسها الشعوب العربية )، بل أحترم مخاوفهم نظراً لمعرفتي بظروف المعيشة والتربية ، وكما أحترم مخاوف الشعوب أدعو كل الناس إلى الانتصار على مخاوفهم على كل المستويات الفردية والجماعية
لولا الخوف لما تحرك التاريخ ، ولما أنجزت عشرات الاختراعات العسكرية والمدنية ، فلولا الخوف من الحيوانات لما اخترعت حربة ، ولولا الخوف من الطقس لما بنى إنسان بيتاً، ولولا الخوف من الغد لما ادخر إنسان مؤونة ، ولولا الخوف من نار الله لما امتنع إنسان عن الظلم !
إذن ... لماذا نحاول دائماً أن نصنع من البطل صورة الإنسان الذي لا يخاف ؟
لست أدري ، ولكن ربما – أقول ربما – لأننا نخاف
...!
وبالتالي نظن الأبطال أشخاصاً مختلفين عنا، فنحن معذورون لأننا نخاف، وهم محظوظون لأنهم لا يخافون
وبهذا نعفي أنفسنا من المهمة الصعبة المتعلقة بالانتصار على خوفنا، ونستسلم لوهم البطل أو السوبرمان .. الذي لا يخاف
!

عبد الرحمن يوسف

Sunday, April 25, 2010

كن جميلا ؟؟





















الجمال هو كل جميل نراه بأعيننا، كالزهرة الفواحة التي تعطر أنفاسنا، وكالنسيم الهادي الذي ينعش صدورنا، ومن أسراره العجيبة ومعجزاته الفائقة أنه يُرى بالعين ويُلمس بالأيادي،ويستشعره العقل ولكن لا يستطيع أفذاذ العباقرة، ومحللو أسرار القلوب، ومترجمو مفردات الكلمات أن يصفوه بتفاصيله الزاهية وخصائصه الدقيقة

سألوني عن الجمال، فقلت هو نزهة الناظرين، ومتعة المفتونين، وتحفة الأحباب، وروضة العاشقين، وجوهرة ثمينة
يقول أحد الفلاسفة: هناك الجمال الذي يراه الرجل بعينيه هو جمال سطحي.. وجمال يراه بقلبه هو جمال عاطفي.. وجمال يراه بروحه وعقله وهو جمال أصيل



الجمال الحقيقي هو ذلك الجمال الذي يوصلنا إلى أعلى درجات الكمال الروحي، وليس ذلك الجمال الذي يرتبط بالمصالح الفانية، والمنافع الزائلة ثم ما يلبث أن يزول عن الوجود..


لقد ضاع مفهوم الجمال عندما نراه في المرأة الحسناء والوجه المليح فقط، فالجمال في صوَر أخرى...طبيعة خلابة صامته ،جمال فى عالم الحيوان والنبات والجماد
الجمال الانسانى محيطه ومداه متسع اتساع الكون فقد يكون .. العقل المفكر، والنفس الشاعرة، والقلوب المخلصة الصافية النقية. يقول أحد المختصين
إن إدراك الجمال الحقيقي، وتميزه من الجمال الزائف اختبار في الأخلاق

وقد فسر هذا المعني علماء التربية بقولهم: قد يكون الجمال المادي أو الوجه الحسن مغرياً، يحمل وراءه أقبح الصفات " كل قاعدة لها استثناء " " لو جمعنا بين الاثنين يبقى خير وبركة
احيانا يمكن القول ،
إن أقبح الناس من كان منظره الخارجي أحسن صفة فيه

صور الجمال

لقد تجلت صوَر الجمال في كل الأزمنة، فحيرت العقول، وغيرت معالم النفوس، وهيمنت على الأرواح والخواطر، وأنتجت فنوناً خالدة، نحس بنشوتها عندما تتفتح الزهور وينبعث أريجها، ونشعر بدفئها وحلاوتها وقت التفاهم والحوار الهادئ والحب البريء وتماسك الوجدان

مسألة نسبية

قد ينظر غيرنا إلى الجمال بمنظور آخر، فما هو جميل في قناعتنا قد لا يكون جميلاً عند غيرنا. فالجمال مسألة نسبية نتفاوت حتى في اختيار الألوان، فقد أفضل اللون الأحمر وقد يفضل غيري اللون الأصفر، فعندما تنظر إلى شيء جميل وتنعم النظر في سحره وبهائه، تشعر بأن شحنات الجمال تتسرب إلى أعماقك الدفينة، بل تشعر بأنك جميل بجمال ما حولك، سعيد بتفاعل الجمال مع شفافية أحاسيسك المرهفة، وعواطفك الدافئة



من أجمل ما في الحياة - توافق المشاعر ، وتلاحم العواطف، والسعي الدؤوب في الارتقاء إلى أعلى مراتب الجمال؛ الجمال الفكري والثقافي.. الجمال الفطري الذي لم يتلوث ببراثن الحقد والكره والعدوان.. الجمال الحسي الذي نستنشق من واحته الخضراء نسائم الذوق والإغراء والجاذبية
يقول أحد المفكرين: لولا الشعور بالجمال ما كان في كل ما حولنا من مناظر طبيعية جمال.. ،
لا قيمة لها في نظر فاقد الشعور بالجمال.. كما لا قيمة لها في نظر العميان
يصعب على الإنسان أن يصف الجمال أو أن يشكله بأحجام وأشكال أو أن يقيس طوله وعرضه أو يطفئ أضواءه المبهجة التي تعكس أنوارها على المشاعر وتبقى في الذاكرة والأيام
إن يقول البعض ان الجمال إذا أضيفت اليه بعض المحسنات قد تشوه صورته الطبيعية، فهناك فرق بين الغابة الطبيعية وبين تنسيق هذه الغابات بالأيادي المبتكرة، لأن الجمال متناسق في حرية الوجود والحركة واللون فلا يقيده حدود ولا يوقفه قيود أو سدود، ولا يحتاج إلى زيادة الألوان أو تصغير حجمه أو تكبيره، وهو على بساطته يجذب الأنظار ويسحر الوجدان، ولكن هناك رأى اخر يقول ان هذا ليس على العموم فهناك احيانا الجمال الناقص الذى يحتاج إلى تدخل الانسان وهندسة الإبداع ليكمل مسرحية الجمال ويرفع الستار عن مشهد من مشاهد الجمال الطبيعى


واختم بكل الاحبة اثنين اثنين


كل تدوينة وانتو الاجمل
تبارك الله احسن الخالقين

Saturday, April 24, 2010

لا تنزعجوا ؟؟؟











على من يطلق
الرصاص



عادة ما كنت اعتبر أن مرحلة الشباب، التي غالبا ما تصاحبها نزعة التمرد والراديكالية والرفض والتطرف في المواقف، هي ما يجعلني أنظر إلى العديد من المشاهد والمظاهر والحالات بغير نظرة الرضا

فمثلا، كنت دائما أشكك في مقولات "دولة الحق والقانون" - "الديمقراطية" - "حقوق الإنسان"... وما إلى ذلك من الخطابات التي تزكي كوننا قد حسمنا هذه الخيارات بصفة نهائية. لكن تأكد لي بالملموس ؟؟؟ أننا فعلا هو بلد الديمقراطية وحقوق الإنسان بامتياز، ومن خلال ذلك فهمت لماذا يصر النظام الرسمي دائما على مهاجمة ورفض كل ما تأتي به عدة تقارير دولية تصدرها منظمات حقوقية حول رصد وضع حقوق الإنسان

تأكدت بالملموس وبالدليل من ذلك، إلى درجة أني تخيلت القنوات التلفزيوية وأجهزة الدعاية الرسمية تقدم وصلات من الاعلانات تروج لفكرة اننا أرقى البلدان الديمقراطية في العالم". إذن لا مجال للتشكيك يا سادة مجددا في هذا الأمر، وما سيأتي كله نعيم ديمقراطي سينعم به الشعب
ابشـروا ...والبشارة فى اطلاق الرصاص !!!

كنت دائما مقتنع مع نفسي بأن كل شيء في هذا البلد العزيز مغشوش. ومن ذلك مثلا أن المسؤولين والقائمين على الشأن العام وعلى تدبير السياسة العامة آخر ما قد يفكرون فيه هو البحث عن الحلول للمعضلات وحل مشاكل وقضايا الناس وتحصين مكتسباتهم وحقوقهم.

إلا أن الأمر بدا لي مجرد طيش وخدعة وانسلاخ عن الواقع وانسياق وراء أفكار متشددة قد تكون ترسبت لدي منذ أيام النضال الطلابي بالجامعة. فهؤلاء الرابضون في شتى مواقع المسؤولية مثل " النائب اللى ما لوش اسم " أكثر خدمة ومثابرة وتضحية ووطنية. إنهم يقومون الليل والنهار من أجل أن نعيش وأن نحيى في كرامة وحرية وعدالة. وهنا فهمت أيضا لماذا تنزعج آذان هؤلاء المسؤولين كلما سمعوا بان مجتمعنا تنخره الرشوة والمحسوبية والفساد . مرة أخرى معذرة، فالأصل هو حسن النية،،،، والأعمال والأفكار بالنيات

أما حينما كنت أرى كيف تساق جحافل من عناصر أجهزة الأمن لقمع الحركات الاحتجاجية، فقد كنت سابقا أتيقن أن ذلك من مظاهر وأوجه بنية الدولة وأداة من أدواتها القائمة على القوة والعنف والقمع وقهر المواطن، إلا أن الأمر الان على غير هذه الصورة بتاتا، ومن يعتقد ذلك فهو يحمل أفكارا سوداوية لا تنظر إلى الواقع إلا بعين واحدة. أما من ينظر إلى الواقع بعينيه "مثل النائب اياه "، فسيتأكد أن كل حالات ومظاهر العنف والقمع الذي تواجه به هذه الحركات الاجتماعية والاحتجاجية بل والدعوة لاطلاق الرصاص على المتظاهرين والمحتجين هو من صميم وقيم الديمقراطية ومن المؤشرات التي تعزز مكانة بلدنا على مستوى ترسيخ وإقرار حقوق الانسان....!!! "وانا اللى مش فاهم " ؟ أوليست دولا أخرى، وان كانت أقل ديمقراطية منا بكثير مثل انجلترا وفرنسا وإسرائيل...، تسخر أجهزة الأمن لتفريق المظاهرات والمسيرات؟بل دعوة اطلاق الرصاص هى سابقة وسبق تاريخى لسادتنا المسؤلين خاصة انها جاءت من عضو
مجلس "المفروض " انتخبه الشعب

أما عن حرية التعبير والرأي، فقد كنت اعتبر في قرارة نفسي أن الصحافة، التي تجرجر أمام المحاكم والسجون، إنما تعيش هذا الوضع بحكم حالة "الاستبداد" السائدة . لكن الحقيقة غير ذلك تماما. فالصحافة والصحافيون هم سبب هذه المشاكل لأنهم يلعبون دور "........" وينبشون في الملفات ويتجاوزون المرسوم لهم والمسموح به ووو...يستاهلوا اللى يجرالهم...

بعد التصريح والدعوة الى اطلاق الرصاص على الشعب

من اليوم فصاعدا، سأعيد النظر في كل شيء وسيتحول ما كنت أراه سوادا إلى بياض ناصع، وما كنت اعتقده تعاسة إلى سعادة تثلج الصدور. من اليوم فصاعدا لن أرى في الواقع إلا الفراشات والأزهار والألوان

شكرا لسيادة النائب على هذه الدروس الديمقراطية.
والآن، الآن وحده، يمكن أن نطمئن على مستقبل هذه الحالة الديمقراطية والحقوقية التى نعيشها....الآن يمكن لنا أن ننتظر كل سنة قدوم اليوم العالمي لحقوق الإنسان بكل افتخار واعتزاز ليشهد العالم ما حققناه على درب الحريات والحقوق الجماعية والفردية

بل أتمنى أن تضم هذه الدروس إلى المقررات الدراسية من مطالعة و"مقرر قومى"وحتى كتب النشاط العلمي ، ففي ذلك تربية للناشئة وأجيالنا القادمة ... ما أحوجهم إلى مزيد من الحس الوطني

شكرا للقائمين على شوؤن هذا البلد السعيد وهو يعيش ربيع عمر ديمقراطيته، مع تمنياتنا أن يسهر اهل السلطة على نهج هذا المسار حتى أقصى مستوى حتى نكون النموذج الذي يحتدى به.

*&^%$#@)(+=

...لم تسعفنى الحروف للمزيد


لا تنزعجوا ...فكثير من السخرية قد تكون واجبة فى احلك الظروف

لا تنزعجوا ... ففى اشد درجات الظلمة الحالكة يبزغ الفجر

Monday, April 19, 2010

قادر وكريم؟؟؟



















وجدت كثيرا من المخلصين يدور في رؤوسهم وأحاديثهم أن مفتاح النهضة والرقي يتلخص في كلمة واحدة، هي « القوة»، وأن القوة تتلخص في كلمة واحدة هي « السلاح المادي»، فهو كلمة السر التي بها هزمنا، وعلى وقع تحصيلها ننتصر

وتغلب عدونا علينا هو بهذا النمط الخاص من القوة، وأمجادنا التاريخية هي من هذا الباب، ومستقبلنا مرهون بامتلاكها

وامتد هذا إلى لغتنا المجازية فصارت كلمة «جيش» و «سلاح» و « قتال» تتردد على ألسنتنا،
...فأمضى « سلاح» هو الكلمة
....ونحن « جيش» من المنهزمين
....وقد أصبحت «أقاتل» من أجل
هذا الموضوع
!!!
!
انا لا ابخس ما للقوة المادية من تأثير واهمية ولكن اشير الى اننا
نسينا أن ما سمى ب (القوة الناعمة) أخطر وأبعد أثرا، وأنها تنخر في عظام الأجيال وتتخلل عقولهم وأخلاقهم وسلوكهم ببطء، وتأثيرها أكيد، وبدون مقاومة

نسينا (قوة المعرفة) التي أصبحت هي ميزان الثقل اليوم فأثمن سلعة وأعظم ثروة هي (سلعة المعرفة) التي يرجع إليها نحو 50% من ثروات الدول المتقدمة، وكل دولة منهم وظفت اجهزتها الامنية
للسطو على المعرفة والمعلومات المتاحة لدى الدول الاخرى
!!!

ولو نظرنا الى قوة الإعلام مثلا فانها تحدث تأثيرا تراكميا في العقل والوجدان يتحول إلى سلوك عن قناعة وحب، وهو أخطر من الدبابة والصاروخ والقنبلة، حتى لو كانت القنبلة النووية

قد تنهزم عسكريا وتنتصر بقيمك وأخلاقك وإصرارك على مبدئك، وقد تنتصر عسكريا ولكنك لا تحسن توظيف هذا الانتصار

وجدت في القرآن الكريم الامتنان على الناس بتحصينهم من آثار السلاح المدمر الذي هو « بأس» الإنسان ضد أخيه (وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون) (الأنبياء:80)، فهذا نبي الله داود يعلمه ربه صنعة الدروع السابغات والخوذات وغيرها مما يتحصن به الإنسان ضد السلاح الفتاك (أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا)(سـبأ: من الآية11)، وفي موضع آخر (وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم) (النحل: من الآية81)، وحين يذكر الله الحديد يقول: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد) (الحديد: من الآية25) وليس في ذلك مدح، لأنه يوظف غالبا في البغي والظلم والاعتداء.

بينما عقب بقوله (ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب) (الحديد: من الآية25)، فكأن ما قبله ليس فيه منافع للناس، كما في الآية الأخرى: (تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا) (النحل: من الآية67)، فالسياق يشي بأن السكر ليس من الرزق الحسن.

حتى سيرة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- اختصرناها في المغازي، وبعضنا سماها « المغازي» وكأنها كانت قتالا فحسب، أو ليس النبي -صلى الله عليه وسلم- مكث في مكة ثلاث عشرة سنة محظورا عليه وعلى أتباعه المؤمنين حتى الدفاع عن النفس ليتجردوا من حظ النفس والانتصار لها نفسيا وليتمكنوا من تحصيل الشروط الموضوعية والذاتية، وليستنفدوا الوسائل السلمية الممكنة، ثم كانت حياة المدينة مليئة بالمناشط الحيوية في البناء والتجارة والمؤاخاة والتعليم والدعوة والمصالحات الواسعة والعلاقات الإنسانية مع المجاورين حتى اضمحلت الوثنية دون قتال ومات النفاق

حتى أول مواجهة مع الشرك لم يكن المسلمون يحبونها ولا يتطلعون إليها ولكنها كانت قدرا مقدورا (وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) (الأنفال: من الآية7) !

فيا سبحان الله
!
هذا الانحياز لعسكرة الحياة، أصبح أسلوبنا الشائع في التفاعل مع أولادنا وأزواجنا في الأوامر و«الفرمانات» التي لا تقبل المراجعة وفي مدارسنا التي غلب عليها طابع التشديد والتهديد وتلاشت عنها علاقة الحميمية والعلاقة الودية بين الطالب والمعلم الذي قد يجد نفسه منساقا بحكم تأثير البيئة التعليمية للغة الأمر الصارم والرقابة ويفقده بعض صوابه، والمدير الذي تعين عليه في نهاية المطاف أن يكون قائد ثكنة

الأسرة التي لا تلتقي إلا لماما، وحتى اللقاء نتيجة أوامر صريحة وصراخ مستمر من الأبوين للتخلي مؤقتا عن اللاب توب أو الشاشة وقتا وجيزا ليرى بعضنا بعضا

حين نفكر في إصلاح أحوالنا عبر التاريخ يتبادر إلى ذهننا القادة العسكريون، والانتصارات العسكرية وكأنها هي التي صنعت الأمة، أما القادة العلميون والتربويون والإصلاحيون فكأنه لا وجود لهم في عقولنا ولا تاريخنا حين نفكر بمعالجة الإخفاقات، ولذا فكل فتى منا مهموم بآلام الأمة يفكر أن يكون «صلاح الدين»، ولا يفكر أن يكون هو الشافعي أو مالك أو ابن النفيس أو ابن الهيثم أو أى مبدع أو عالم متخصص .. ألسنا نفكر بطريقة انتقائية ونتعامل مع الحياة على أنها معركة عسكرية الذي يفوز فيها يحصل على كل ما يريد ؟

حين نتحدث عن التأثيرات الأجنبية نشير إلى قادة الحروب والمعارك ضدنا أو الحروب والمعارك العالمية فمعظمنا يعرف رومل ومونتجمرى ونابليون وننسى صانعي السيارة وتأثيرهم الهائل في الحياة الفردية والمدنية والعمارة والعلاقات والعبادات، وننسى مكتشف الكهرباء ومخترع الهاتف وتأثيرهم الضخم في حياة الإنسانية، وننسى صانعي المطبعة أو التلفاز .. وهلم جرا

هذا جعل الكثير منا يتخلون عن أدوارهم الإصلاحية بانتظار مفاجأة "عسكرية "، وتسبب في انخراط الدول الإسلامية والعربية في حقبة مضت في انقلابات عسكرية زادتها تخلفا وثبورا، وربما العقلاء الذين لا يؤمنون بجدوى المغامرات المرتجلة قاموا إلى العزلة والانكفاء وتمنوا في داخلهم « ظهور الامام العادل المتغلب!!!؟استجابة منهم لما يمكن ان نسميه الغيب الضال؟» .

أما ذلك المجهود السهل المنسجم مع فطرتي وقدرتي والذي لا ألمس أثره المباشر الآن، ولكن يقال لي: إنه مجهود مؤثر، وإن السيل من نقطة، ومعظم النار من مستصغر الشرر، فالكثيرون يشككون في مصداقيته ويحاولون إقناعي بأنه يذهب أدراج الرياح...وينتابنا اليأس ونفقد الحماس
للمشاركة فى اى حراك ثقافى او سياسى بدعوى عدم الجدوى

وهكذا أصبحنا أغلبية ساكنة ساكتة غير فاعلة ولا مؤثرة بملء إرادتنا وقناعتنا،

فهل إلى رجوع من سبيل

"قادر وكريم يارب....
تخرج الحى من الميت

Friday, April 16, 2010

قول وفعل؟

















نقد الذات

حكيت هذه الطرفة ابنتي وهى قصة رجل اشتكى للطبيب أن زوجته ضعيفة السمع ، فطلب إليه الدكتور أن يخاطبها من بعيد ثم يقترب شيئاً فشيئاً حتى يعرف مقدار الضعف في سمعها . خاطبها سائلاً عن وجبة العشاء ، ولم يظفر بجواب ، واقترب وخاطبها أخرى ، فثالثة ، وأخيراً وقف على رأسها وسألها عن وجبة العشاء .. ردت : -خمس مرات أقول لك : دجاج بالفرن ! لم يخطر في باله أن الضعف في أذنه هو !

حين يتصل بك صديق ويحدث تشويش في الخط يتصرف تلقائياً وكأن الخلل في جهازك ، أو المشكلة في الأبراج القريبة منك ! سنكون سعداء حين نشرح معاناتنا لأحد فيبدأ في التعاطف معنا وإلقاء اللوم على الآخرين ، بينما نعد من الخذلان أن يحاول تمرير رسالة هادئة مفادها أننا (ربما) نتحمل بعض المسؤولية ! وأن الحل يبدأ من عندنا
وحتى حينما يتلو علينا القرآن (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)(آل عمران: من الآية165) سنقوم بالإيضاح أن المعنى أن الخلل في الناس الذين يشتركون معنا في الانتساب للإسلام أو للوطن وليس معناه أننا شخصياً شركاء في التبعة والمسؤولية ... يطرب الناس لمتحدث أو كاتب يهاجم الخصوم والأعداء ويشتمهم ويفضح ألاعيبهم وخططهم وهو محق فعلاً ، فمن شأن العداوة أن تفرز مثل هذه الخطط والحيل والألاعيب . لكننا سنشيح بوجوهنا ونتمعر ونزمُّ شفاهنا حين نجد الصوت يتعالى في نقد ممارساتنا ، أو تحليل شخصياتنا ، أو تفنيد بعض عاداتنا السيئة المستحكمة التي أصبحت جزءاً رئيساً في طرائق تفكيرنا وسلوكنا الفردي ، وتعاملنا الأسري ، ونظامنا الاجتماعي ....
سنسير خطوات يسيرة ، ونتجرع رشفة مرة ونتظاهر بالروح الرياضية ، ونعلن أننا نقبل النقد بصدر رحب ، وأن الذي ينتقدنا خير من الذي يمدحنا .. لننكفئ بعد ذلك .. ونلتف على الموضوع مستنكرين حالة الإفراط في النقد .. وأننا أصبحنا " نجلد " ذواتنا !.... مصطلح " جلد الذات " صحيح ، ولكننا نستخدمه أحياناً في غير محله ، نستخدمه لتعثير المشرط الذي يتخلل جراحنا ويضعنا أمام أخطائنا وعيوبنا وجهاً لوجه

الذي ينتقد الأعداء يتحدث عن قضية مشتركة مجمع عليها فالجميع يصفق له ويثني عليه ، لأنه يتحدث في منطقة آمنة لا خوف فيها ، ولكن ربما أفرط وبالغ حين صوّر إخفاقاتنا وكأنها من صنع أعدائنا ولا يد لنا فيها . أما الذي يكشف عيوبنا أو يحاول ، ولو لم يحالفه التوفيق ، فهو يضع يده على موطن العلة ، وما كانت سهام الأعداء لتضرنا لولا أننا أتينا من قِبَل أنفسنا ، والله تعالى يقول : (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً

الواقع الذي نعيشه أفراداً وأسراً وجماعات ومجتمعات وحكومات هو الشيء الذي نعبر عنه بـ " التخلف " فلماذا نتلبسه ونتشربه ونتعصب له ونحامي دونه ، ونعتبر أن من يريد فصلنا عنه مؤذياً وجارحاً ومتهجماً ؟

دعني أقل .. ما الذي يجعلنا أحياناً نقول نقداً كهذا .. ونهاجم أمراضنا وعللنا بقوة وشجاعة .. ثم ننصرف وكأننا لسنا جزءاً من هذا الواقع المنقود ..

هل نقدي يعني أنني بمنجاة ومعزل عن هذا الواقع؟ عليّ حين أنتقد أن أدرك أن النقد يتجه إليّ شخصياً مثلما يتجه للآخرين وإلا فسيكون بغير معنى ! إذا كانت محصلته أنني أنتقد لأثبت تفوقي على الآخرين وسلامتي من معاطبهم ! النقد ليس تشفياً ولا تصفية حساب لكنه طريق إلى الفهم والإصلاح والتدارك وحين نكون مخلصين فيه سندرك أن الحق هو أن نبدأ بأنفسنا ولا نجعلها استثناء ، ولا نتعالى عن هذا الواقع وكأننا أوصياء عليه من خارجه



منقول بتصرف

Tuesday, April 13, 2010

قرغيزستان # وبطيخستان







قرغيزستان # وبطيخستان
تدوينة فرضتها الاحداث


درس قرغيزي للشعوب العربية

قرغيزستان دولة صغيرة تقع في آسيا الوسطى، معظم سكانها من المسلمين، توجد فيها قاعدتان عسكريتان إحداهما امريكية والاخرى روسية، وقواتها الامنـــية على درجــة كبـــيرة من الكــــفاءة القمعــية، ومع ذلك لم تتمكن هذه القواعد، ولا قوات الامن، من حماية رئيسها كرمان بيك باكييف من غضبة الشعب الذي نزل الى الشوارع في مظاهرة صاخبة.

هذه هي المرة الثانية في غضون خمسة اعوام يثور فيها الشعب القرغيزي، ويهرب الرئيس للنجاة بحياته، ويتعرض فيها القصر الجمهوري للنهب ومن ثم الحرق على ايدي المحتجين من عامة الشعب، وتتولى المعارضة الحكم، وتعد باجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة في غضون ستة اشهر.

حكم الرئيس باكييف، مثل حكم نظرائه في مختلف الدول العربية والاسلامية، يعتبر مثلا في الفساد والمحسوبية، ونهب المال العام، واستخدام قوات الامن في قمع حركات المعارضة، ومصادرة الحريات، والاهم من ذلك كله ان هذا الرئيس الذي وصل الى الحكم قبل خمس سنوات بعد انتفاضة شعبية اطلق عليها الامريكان اسم 'ثورة التوليب'، زوّر الانتخابات، وعيّن افراد اسرته في المناصب الهامة والحساسة، وهيأ ابنه الاكبر لوراثته تماما مثل حكامنا العرب.

المفجّر للثورة الحالية التي اطاحت به جاء من خلال رفع حكومته اسعار الوقود، ولكن عوامل الانفجار كانت تتضخم بعد وصول الجوع في البلاد الى درجات لا يمكن تحملها، حيث وصلت معدلات البطالة الى اكثر من اربعين في المئة.

الرئيس باكييف ضرب مثلا في الانتهازية السياسية والتلاعب بسيادة بلاده، ورهنها للايجار لمن يدفع اكثر، وحوّل عاصمة بلاده الى 'ماخور' للقوات الامريكية حيث يزورها اكثر من 35 الف جندي كل شهر، قادمين من افغانستان المجاورة لقضاء عطلة مريحة او للانطلاق منها الى محطات اخرى في العالم.

* * *

غازل موسكو، ولوّح باستعداده لاغلاق القاعدة الجوية الامريكية (ماناس) القريبة من العاصمة اثناء زيارته الاخيرة لها الروس تجاوبوا مع هذا الغزل فورا وعرضوا مساعدة قدرها ملياران وربع المليار دولار، فحمل العرض الى الامريكيين فدفعوا له اكثر، اي زيادة اجرة قاعدتهم السنوية (180 مليون دولار) ثلاث مرات، يذهب معظمها الى جيب عائلته.

وليته اكتفى بذلك، فقد حصلت شركة يملكها احد افراد عائلته على عقد سخي بتزويد الطائرات الامريكية بالوقود، علاوة على الاحتياجات الغذائية الاخرى. ومن المفارقة ان الامريكيين، حماة الديمقراطية والشفافية وسادة مكافحة الفساد، كانوا الاكثر سعادة بهذه الصفقة.

ادارة اوباما، مثل ادارة الرئيس بوش، كانت تعلم بكل صفقات الفساد هذه، ولكن عندما يكون الخيار بين الاستقرار والديمقراطية بكل افرازاتها، فإنها تختار الاولى خدمة لمصالحها وبقاء قاعدتها. هذا ما يفسر دعمها لاكثر الديكتاتوريات فسادا في المنطقة العربية.

قرغيزستان دولة تقع على حدود اكبر مشروع للديمقراطية الغربية في العالم، اي افغانستان، حيث يُقتل جنود امريكيون يوميا تحت هذا العنوان، ولكن هذا لا يمنع ان تصمت واشنطن على السجل الاسود والاسوأ للرئيس القرغيزي في ميادين حقوق الانسان، مثل قتل الصحافيين واغلاق الصحف ومحاكمة شخصيات المعارضة وفق قوانين الطوارئ.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عن اسباب حدوث هذه الثورات الشعبية التي تنتهي بالاطاحة بأنظمة الفساد في دول مثل قرغيزستان في اسيا الوسطى وبوليفيا في امريكا الجنوبية، ولا نرى لها مثيلاً في الدول العربية؟

* * *

احوال قرغيزستان افضل كثيراً من احوال دول عربية عديدة ، ومع ذلك نرى شعبها الصغير الذي لا يزيد تعداده عن خمسة ملايين شخص ينزلون الى الشوارع طلباً للتغيير والاصلاح.

قد يجادل البعض بأن القمع الدموي للأنظمة العربية وقواتها الامنية هو الذي يدفع الجماهير للاستسلام والخضوع، وهذا صحيح، ولكن قوات الامن القرغيزية اثبتت انها اكثر قمعاً وشراسة، واطلقت النار على المحتجين وقتلت مئة منهم، ومع ذلك استمروا في مسيرتهم حتى اقتحموا القصر الجمهوري واشعلوا النار فيه.

الشعوب الحية هي التي تتحدى القمع والارهاب من اجل حقوقها الاساسية والدفاع عن مصالحها وتقديم التضحيات من اجل هذا الهدف السامي، ويبدو ان المشكلة لم تعد في الحكام العرب، وانما في الشعوب العربية ايضاً.

* * *

ما يجري في قرغيزستان حالياً هو ظاهرة يجب ان يدرسها الحكام والشعوب العربية ايضاً، فهذا الشعب الصغير في تعداده (خمسة ملايين) الكبير في ارادته وعناده، قاوم الفساد والمحسوبية، واطاح بالرئيس وعائلته وولي عهده الذي اراد توريث الحكم له.

ولعل الدرس الابرز هو للحكام العرب الذين يعتقدون ان القواعد الاجنبية يمكن ان توفر الحماية لهم، ولحكمهم، اذا ما انتفض الشارع ضدهم، واراد تغييرهم، وادخال الاصلاحات السياسية والديمقراطية الحقة.

نشعر بحالة من القهر ونحن نتأمل اوضاعنا العربية، فالجدران سقطت (برلين)، واعتى الديكتاتوريات، يسارية كانت ام يمينية، انهارت وتحولت الى تاريخ، والقيم الديمقراطية وصلت الى جمهوريات الموز، ومع ذلك ما زال الوضع العربي على حاله، بل اكثر سوءاً، حيث الغالبية من الحكام العرب إما يعانون من امراض الشيخوخة او السرطان او الاثنين معاً.

منقول بتصرف

Monday, April 12, 2010

حان الان موعد..؟












هذه السطور ليست الا محاولة لاعادة التذكير والتعبير عن حقيقة صارخة ...وهي أن تجارب الشعوب
سوف تنتهي بـها إلى أنه لا بديل عن الحرية المتجسدة سياسيا بالنظام الديمقراطي الذي يعترف للإنسان
بفرديته ويوفر له الحرية والكرامة ويلتـزم بالقانون وتكافؤ الفرص .. ومع أنه ليس نظاماً كاملاً بل فيه كغيره من
أعمال البشر عيوبٌ كثيرة إلا أنه النظام الوحيد الأقل سوءاً بين أنظمة الحكم التي مارستْها الإنسانية منذ بداية
تاريخها وجرَّبتها واقعاً معاشاً في أقطار كثيرة أما المثاليات التي لا توجد إلا في الكتب فليست محلاًّ للمقارنة لأن

الكلام لا يفيد الناس إذا لم يعيشوا المضمون واقعا حياًّ في حياتـهم اليومية
ولن يجدى هروبنا الى التاريخ من اجل اراحة الضمائر والهروب من مسئولية الحاضر
ليست الشعوب سوى مجموع الأفراد فإذا تحقَّق الاعتراف باحترام الإنسان الفرد فإن ذلك يعني الالتزام بحقه في
الاختيار الحر والتفكير المستقل وحقه في التعبير عن نفسه وعن أفكاره وآرائه ومواقفه دون خوف ولا تقييد ..
وبالنتيجة فإن هذا يعني توفُّر الحريات للجميع.. ويؤدي ذلك إلى فتْح كل الخيارات أمامهم وتوفير تكافؤ الفرص فيما بينهم؛
فالانسان هو الاساس , أما الحرية فهي الجوهر ...الانسان والحرية مفهومان متلازمان...واساسيان للتنمية والتقدم البشرى

ان ترك الله سبحانه وتعالى للشجرة في الجنة، رغم تحريمها، ربما يكون وراءه غاية معينة الا وهي ان يختار الانسان الطاعة بملء ارادته،
وهنا يكمن المعنى في السلوك الانساني، وما يقف وراءه من دافع الحرية. فالخالق جلت قدرته هو من منع، وهو ذاته من زرع بذرة
الحرية في الذات الانسانية، لحمة ارادها منذ البدء حين اجاب الملائكة المتخوفين من خلق الانسان بأنه يعلم ما لا يعلمون.

ولأجل ذلك

نجد ان الأجر على قدر المشقة مثلا، والمشقة تكون اعظم في حالة الاختيار، و الحرية تكمن في الاختيار
فهل اخترت وقررت اين تقف
كثيرون هم من يقف فى انتظار الاتوبيس ولا يعترضون على تأخره ولا ينتقدون الاوضاع ؟
ولكنهم يقولون "يمكن احنا اللى جينا بدرى"؟؟؟

Friday, April 9, 2010

مَن يخاف مِن داليـا ؟













فى تدوينة سابقة تحدثنا عن ما كتبه
كاتب هذا المقال


قبل أقل من سنة من الآن، قرأت مقالاً لكاتبة عربية معروفة، تقدم فيه رشيدة داتي وزيرة العدل الفرنسية المغربية الأصل في حكومة ساركوزي، بصفتها نموذجا للنجاح العربي- المسلم في الغرب..

كان النموذج محبطاً جدا في الحقيقة، فرشيدة داتي تمثل انسلاخاً تاماً من كل جذورها العربية والإسلامية، ونجاحها الشخصي أمر لا يمكن أن يحسب إلا لها وحدها، وليس لأصولها المغاربية بأي حال من الأحوال: نحن هنا لا نتحدث فقط عن وجه أسمر تعمّد ساركوزي اختياره في حكومة يمينية متطرفة وضد المهاجرين، ولا نتحدث أيضا عن امرأة فقدت صلتها بدين أسرتها فحسب، بل عن امرأة حملت سفاحاً وأنجبت وهي وزيرة، ووالد طفلتها مجهول حتى اللحظة (لكنها صرّحت أن من حق ابنتها معرفة اسم والدها.. عندما تبلغ الثامنة عشرة!).

يومها، حاولت أن أكتب عن نموذج مغاير: عن نموذج لامرأة نجحت في الوصول إلى مركز مهم في الغرب دون أن تفقد هويتها الأصلية.. على الأقل دون أن تفقدها لهذه الدرجة!..

وبصراحة لم أجد.. ربما جهلا مني، وربما تقصيراً مني في البحث.. لكني لم أجد ما أريد: هناك بالتأكيد عدد كبير من السيدات الفاضلات اللواتي حققن نجاحاً كبيراً في الغرب وتمسكن في الوقت ذاته بهويتهن الإسلامية، لكن ذلك كان مرتبطاً على الغالب بنجاح ذي طابع مهني خاص أوضمن نشاط اجتماعي مرتبط بالجالية.. فمن المعروف مثلا أن مهنة الطب بسبب مكانتها الاجتماعية وأرباحها المادية تستقطب المتفوقين من أبناء المسلمين في الغرب ( تقول النكتة الرائجة عن مسلمي أمريكا: قال الأول للثاني بحماس: الإعلام مهم، يجب أن نشجع أولادنا على دراسته، كل ما يحتاجه المسلمون في الغرب هوالإعلام، سأله الثاني: هل درسه أحد من أولادك الأربعة؟ رد الأول: لا الحمد لله، كلهم أطباء!!)..

لكن هذا النجاح الشخصي لكثير من مسلمي الغرب الذين تمسكوا بهويتهم الإسلامية لم يرافقه نجاح مماثل في المراكز السياسية في البلدان الغربية التي صاروا مواطنين فيها.. قد يفسر البعض هذا بسياسات تهمشهم وتحصرهم في زاوية معينة بسبب "تدينهم".. لكن مما لا ينكر عزوف الكثيرين من هؤلاء عن الأمر وانشغالهم بتحصيل الرزق و/ أو أمور "الجالية"..

في الوقت نفسه: تبرز أسماء مشابهة لرشيدة داتي.. أسماء تحمل الاسم المسلم ولكن تعبر عن ذوبان تام في الهوية الغربية.. بل ومع مغالاة في الأمر كما لو أن أصحاب هذه الأسماء يتعمدون ذلك للتعويض عن الأثر المسلم في أسمائهم.. لست بصدد ذكر بعض هذه الأسماء الآن لكنها كانت مدللة في عهد الإدارة الأمريكية السابقة، وتستضاف وتقدم بصفتها تمثل المنفذ الوحيد لمسلمي امريكا للوصول: أن يكفوا أولاً عن كونهم مسلمين ..

لكن مع تعيين "داليا مجاهد" مستشارة للرئيس الأمريكي أوباما في مجلس الأديان الذي أسسه، تغير الأمر كليا..

أود أن أوضح هنا أني لا أكتب عن داليا مجاهد إلا بعد اطلاعي على كتابها (مع جون اسبوزيتو– من يتحدث عن الإسلام ؟ Who speaks for Islam? ) ومشاهدتي لمعظم اللقاءات التلفزيونية التي قامت بها..

Who Speaks for Islam?


أفهم مسبقا كل ما سيقال عن نوايا أوباما في تعيين امرأة محجبة في البيت الأبيض: ومحاولته ربح الحرب التي خسرها بوش عبر اكتساب العقول والقلوب.. وأفهم أيضا من ينظر بتشكك إلى كل مفردات الخطاب الأمريكي الجديد على أنه مجرد مكياج جديد لا أكثر، ومن ناحيتي لا أعول على تغيير كبير في سياسة أمريكا في العالم العربي (حتى لوكان أوباما يريد ذلك فعلا..).. لكنه على الأقل لن يكون أسوأ، فمن الصعب جدا لأي رئيس أن يكون أسوأ من الرئيس السابق..

لكن هذا الأمر يخص الشرق الأوسط فحسب، أما بالنسبة لأمريكا ومسلميها فالأمر لم يعد كما كان.. ولا يجب أن ننسى ذلك أونتجاهله..

بالنسبة لما يقرب من 8 ملايين مسلم أمريكي (إذا صحت إحصائية النيوزويك)، كانت السنوات الثمانية الماضية سنوات عجاف جدا (كما كانت بالنسبة للجميع في كل مكان!)..كان هناك ترصد إعلامي لهم وكانت تهمة الإرهاب تلاحقهم كشبح.. التنوع العرقي الذي هوالأكبر في أية طائفة دينية في الولايات المتحدة زاد من تشرذمهم وبالتالي من تأزمهم: كأن الإعلام يعاملهم ككتلة واحدة بينما هم شظايا متفرقة طائفياً وعرقياً واجتماعياً.. نسبتهم السكانية التي لا تتجأوز 4% وعدم وجود ولاية واحدة تفوق نسبتهم فيها الـ 3% بالإضافة إلى عزوفهم التقليدي عن المشاركة جعلهم كتلة مهملة انتخابياً إلا في مناطق قليلة جدا.. ذلك جعل هويتهم (المهددة أصلاً) أكثر عرضة للذوبان والخطر في عهد السنوات العجاف الثماني.. (رغم أن هذا كله ولّد رد فعل عند البعض للمزيد من التمسك.. لكن هذا موضوع آخر).

لكل ذلك، وبغض النظر عن نوايا أوباما، فإن دخول سيدة "محجبة" إلى البيت الأبيض، له معان كثيرة للمسلمين في أمريكا..

سينظر لي البعض "نظرة" تأفف وازدراء: معان كثيرة من أجل قطعة قماش ؟.. متى ستكفون عن ذلك؟

نعم.. معان كثيرة في قطعة قماش تختصر منظومة فكرية متكاملة.. قطعة قماش هي بمثابة علم ترفعه داليا مجاهد كل صباح عند دخولها لمكتبها التابع للبيت الأبيض.. فلنتذكر هنا أن داليا مجاهد ليست موظفة في مصلحة حكومية في واحدة من بلداننا، تضع "ايشاربا" على شعرها كيفما اتفق، وربما لا تصلي حتى، وربما لا تضعه أحيانا..!

لا.. داليا مجاهد متمسكة بحجابها ضد تيار عاتٍ لا يجبرها حقيقة على خلع حجابها (كما حدث في بعض بلداننا الإسلامية!) لكنه يجردها أولا وبالتدريج من المنظومة الفكرية التي يمثلها هذا الحجاب، وبالتالي يصبح الحجاب مجرد قطعة قماش يسهل نزعها تحت هذه الحجة أو تلك (كما حدث للكثيرات بالفعل).

لكن داليا مجاهد ليست من هؤلاء.. لا أشك للحظة واحدة أن مشوارها المهني الناجح الذي أوصلها إلى معهد غالوب أهم مراكز الاستطلاع وقياس الرأي ( أوتكوينه؟) في الولايات المتحدة قبل أن يوصلها إلى البيت الأبيض كان سيكون أسهل بكثير فيما لوكانت بلا حجاب.. لكن الطرق السهلة ليست بالضرورة هي الطرق الصحيحة، خاصة لمن كان يمتلك منظومة فكرية متكاملة لها منهجها الخاص ومقاييسها الخاصة..

في كل مرة تتحدث فيها داليا مجاهد فإنها تتحدث بلغة مفهومة جدا بالنسبة للغربية: لا أقصد هنا الإنجليزية السليمة فهذا سهل، بل أقصد لغة الأرقام، لغة الإحصاء الذي يكون أحيانا أكثر إقناعا من أي منطق بالنسبة للغربيين (حتى لوكانت الأرقام لا علاقة لها بالمنطق!)..لا تتحدث داليا مجاهد عن الإسلام قط، ولا عن نصوصه، ولا عن كونه يدعوإلى السلام والرحمة فذلك الحديث استهلك تماما ولم يعد له أثر حقيقي، بل إنه استخدم أحيانا من الأشخاص ذاتهم الذين قادوا حروبا "دينية" ضد المسلمين.. داليا مجاهد لا تدافع عن إسلام مثالي تاريخي لم يعد له وجود، فذلك أمر لا يهم المتلقي الغربي من قريب أو بعيد، إنها تستخدم لغة الأرقام لتقدم له صورة أخرى عن المسلمين.. صورة مغايرة عما هوسائد في الإعلام الغربي..

تمارس داليا مجاهد انتقاءات إحصائية محترفة وتقدمها بذكاء شديد لتصدم النظرة الغربية، من انتقاءاتها المفضلة مثلا: العداء لأمريكا في فرنسا مقارب للعداء لأمريكا في العالم الإسلامي، بل ويفوقه بكثير فى بعض الدول الإسلامية!..

نسبة من يؤيد الحكم بالكتاب المقدسBible (بعهديه القديم والجديد) في الولايات المتحدة مقاربة جدا لنسبة أولئك الذين يدعون إلى حكم الشريعة في بلدان العالم الإسلامي، ونسبة أولئك الذين يدعون إلى أن يكون الكتاب المقدس هو"المصدر الوحيد للتشريع" مقاربة جدا لأولئك الذين يدعون الدعوة ذاتها في بعض بلدان العالم الإسلامي.

نسبة من يؤيدون "قتل المدنيين الأمريكيين" لا تتجاوز الـ 7 % في العالم الإسلامي، وهذه الـ 7% -كما تقول داليا- لم تكن أكثر تدينا على الإطلاق من الآخرين الذين يرفضون الأمر.. أكثر من هذا: إن من يرفض قتل المدنيين برر رفضه بالاعتماد على نصوص دينية (نص قرآني أوحديث نبوي) بينما لم يكن هناك ولا حتى شخص واحد – كما تشدد داليا - من النسبة المؤيدة استخدم نصا دينيا ليدعم تبريره.. لماذا إذن ارتبط الأمر في الأذهان بالدين الإسلامي ونصوصه؟ ترد داليا مجاهد بحسم بشقين: الأول إصرار الإعلام الغربي الذي يلعب دور تكوين الأذهان على ذلك، والثاني هو أن من قام بهذه العمليات استخدم حقيقة أن 80% من المسلمين يقولون: إن الدين يشكل جزءا مهما من حياتهم، ليبحث عن قاعدة للدعم له.. لا ننسى هنا أن نسبة تأييد المواطنين الأمريكيين لقتل المدنيين المسلمين تفوق الـ7% بكثير! (حسب إحصائية قامت بها جامعة ميريلاند ونشرتها الكريستيان ساينس مونيتور بتاريخ 27/2/2007 فإن 24% من الأمريكيين يؤيدون ذلك ذلك!!)

من المواضيع الشائكة الأخرى التي تستخدم فيها داليا مجاهد الأرقام لتقول شيئا مختلفاً عما تردده ماكنة الإعلام الغربي ( والعربي المتغرب في أحيان كثيرة وبحماس منقطع النظير) هو موضوع حقوق المرأة في العالم الإسلامي.. فالمرأة تقدم إعلاميا بصفتها "الحسناء المعذبة" من قبل الشريعة ورجالها في العالم الإسلامي: لكن داليا مجاهد تقول: إن أرقام النساء والرجال سواء في تأييد الشريعة بلا فارق إحصائي يذكر( أي إن تأييد الشريعة لم يتأثر بالجندر طيب الذكر!)..بل إن النسوة غالبا- عكس ما هوسائد إعلامياً - يعتبرن أن الشريعة هي التي ستمنحهن حقوقهن.. تعرض مجاهد أيضا أرقاماً إحصائية عن مرتكبي جرائم الشرف فتثبت أنهم غالبا غير متدينين ولا يؤدون أبسط الشعائر (الصلاة والصيام ) كما أنهم غالباً ما يحملون تاريخاً في السوابق الإجرامية: أي إن الأمر في النهاية مجرد جريمة أخرى لا علاقة للتدين بها، ( على العكس قد يكون التدين عاملا إيجابيا في الأمر بطريقة ما: ربما يساهم في منع الجريمة بمنع أسبابها أصلاً..!).الأمر ذاته بخصوص الديمقراطية التي تعتبرها ماكنة الإعلام الغربية (والناشطون العرب من ورائها..) هي الحل لكل مشاكل المسلمين، فإن الغالبية العظمى ممن أحصتهم داليا يرغبون في رؤية تداول سلمي للسلطة يحدث في بلدانهم لكن دون الأخذ بالديمقراطية الغربية كنموذج يجب تطبيقه بالتفصيل..

الأمر المهم في كل هذه الأرقام ليس نتائجها المغايرة للسائد فحسب، بل إنها تتخذ طرقا علمية في قياس الرأي بحيث يكون النموذج المأخوذ من دولة ما يمثل بشكل نسبي الطبقات الاجتماعية – معدل الدخل والتعليم - في هذه الدولة.. وهكذا هوالأمر بالنسبة لـ35 ألف شخص في 35 دولة إسلامية شملتها الدراسة.. وهكذا فإن رأي من يسمون غالبا بالناشطين والناشطات في الجمعيات إياها يتحول ليأخذ حجمه الحقيقي (مقارب للصفر..!)..حيث إن هذه الجمعيات ونشاطاتها تتبع مصادر تمويلها حتماً.. ولذا نرى الفرق الكبير بين ما تقوله الإحصائية وبين ما تردده ناشطات حقوق المرأة مثلاً..

هل ستحدث إحصائيات داليا مجاهد صدمة بحيث تغير الرأي العام الغربي؟ لا طبعاً فالأمر أعقد من ذلك بكثير.. لكنها ستحدث على الأقل ثقباً ما في الجدار العالي الذي استطاع لعقود أن يغسل الأدمغة في الغرب وفي غير الغرب..هذا الثقب المدعوم بقوة من مكانة غالوب وسمعتها قد لا يكون كافياً ولكنه جيد كنقطة انطلاق جديدة خاصة بالنسبة لمسلمي الغرب..

لكن ما هو مهم جدا في كل ما تمثله داليا مجاهد هو وجود نموذج ناجح للجمع بين الإسلام وبين المواطنة الفاعلة في المجتمع الأمريكي.. داليا مجاهد مثلها مثل الملايين اكتسبت الجنسية الأمريكية وعلينا أن نعتبرها مواطنة أمريكية حتى لواحتفظت بجنسيتها المصرية، بمجرد أدائها لقسم المواطنة فإن واجبها كمسلمة سيحتم عليها عدم الحنث بهذا القسم والإخلاص للوطن الذي انتمت له: لكن واجبها كمسلمة سيحتم عليها أيضا أن تحاول الإصلاح ما استطاعت ضمن هذا المجتمع، أن تحاول أن تكون نموذجاً إيجابياً فاعلاً للإسلام في هذا المجتمع (وهوأيضا واجب المسلمين في مجتمعاتهم من باب أولى، قبل أن ننسى!)..لعقود كان المهاجرون المسلمون يجدون أنفسهم أمام خيارين عندما يصبحون مواطنين أمريكيين: إما الذوبان التام وفقدان كل أثر للهوية المسلمة، أو الانكفاء والعزلة عن الفاعلية والتأثير داخل مجتمعهم الجديد، داليا مجاهد تمضي إلى الطريق الآخر ( والأصعب ولكن الأسلم على المدى البعيد).. إنها تمضي إلى التوفيق الإيجابي بين مواطنتها في هذا البلد وبين دينها وقيمه..

بالمناسبة: "حجاب" داليا مجاهد أبعد ما يكون عن "الحجاب الأمريكي" السائد في أوساط كثيرة حتى داخل مجتمعاتنا: الذي ليس أكثر من غطاء للرأس مع ملابس ضيقة جدا، هذا الحجاب الأمريكي هومجرد قطعة قماش "لإسقاط الفرض" لا أكثر ولا أقل.. دون أن يرتبط بما وراءه من قيم، لكن حجاب داليا، المقبول كمواصفات حتى داخل مجتمعاتنا، أكثر جدية بكثير: لأنه يمثل فعلاً منظومة فكرية تحرص داليا على إبرازها دون خجل أوشعور بالدونية.. وهي تقدم بذلك – خاصة بدخولها إلى البيت الأبيض - المثال والنموذج لذلك الجيل القادم من المسلمين الأمريكيين الحيارى بين مفترقي الطريق: إما الضياع أوالعزلة، مجرد وجود داليا مجاهد بحجابها ومنطقها المتماسك، وتمسكها بدينها يفتح لهم طريقا آخر.. طريق أن تكون أمريكيا دون أن يعني ذلك أن تتخلى عن تدينك أوتتركه جانبا.. بل أن نجعل منه وسيلة للإصلاح داخل مجتمع يحتاج إلى الكثير من الإصلاح..

من يخاف من داليا مجاهد إذن؟.. بالتأكيد الخوف واضح في أوساط اليمين الديني المحافظ الذي يتصيد لأوباما أية هفوة، مواقعهم التي تداولت الخبر قالت بالحرف في عناوينها الرئيسية إن داليا مجاهد قريبة من تنظيم متشدد مستدلة على أنها أدلت بتصريحات لموقع الإسلام أون لاين..!، أحد هذه المواقع قال إن القاعدة افتتحت مكتبا للاستشارات في واشنطن!!، وموقع آخر قال: "مسلم كيني يعين مسلمة مصرية مستشارة له!!"..

لكن هناك خوف أكبر وربما أقل وضوحاً وربما لا يحاول أصحابه التعبير عنه: أولئك النسوة اللواتي تم دعمهن للظهور في الإعلام الموالي لللإدارة السابقة على أنهن نموذج للنساء المسلمات: بعضهن كن يبدون كما لو أنهن قد تم استقدامهن من المصحة للتو لتقديم هجوم مقذع على الإسلام ونبيه، وبعضهن كن أكثر أدباً يتحدثن عن الإسلام بإيجابية أكثر ولكنهن عمليا يقدمن إسلاماً نظرياً لا مكان فيه لأي شيء (عدا عن الحجاب طبعا..)..

أدعياء التجديد الديني أيضا، يحق لهم أن يخافوا من داليا مجاهد، فقد بذلوا جهودا كبيرة لخلع الحجاب في العالم الإسلامي، وإضفاء صفة الشرعية على هذا الخلع، تمريراً لمشروع ليبرالي واضح المعالم، وإذا بداليا مجاهد وحجابها يضعهم ومشروعهم جميعا في زاوية ضيقة للغاية.

كل ناشطة إسلامية في الغرب عموماً وفي أمريكا خصوصا، وضعت حجابها لهذا السبب أوذاك، عليها أن تراجع أسبابها حقا مع ظهور نموذج مغاير مثل نموذج داليا مجاهد ..

بالمناسبة : حجاب داليا مجاهد ليس على رأسها فقط..

إنه على رأسي أنا أيضا.. كما يقول أهل الشام

.. ..

د.أحمد خيري العمري