Saturday, December 6, 2008

الجذور الثقافية


الجذور الثقافية

لغياب الديمقراطية


في مواجهة النظريات الأحادية الجانب التي ترجع غياب الديناميكية الديمقراطية في البلدان العربية إلى رسوخ ثقافة استبدادية دينية أو زمنية، تشكل بنية الوعي العربي وتتحكم به عبر الأزمان والأمكنة جميعا، وبالتالي تدين العرب بالبقاء في إطار النظم الدكتاتورية،
كنت من بين المحللين القلائل الذين ركزوا على أثر الشروط الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية وأهمية النظر إلى طبيعة السياسات الدولية التي خضعت لها منطقة من بين أكثر المناطق حساسية في الإستراتيجية الدولية، نظرا لموقعها الجيوسياسي وحجم الاحتياطات النفطية فيها، واختيارها لحل المسألة اليهودية التي شغلت أوروبا منذ القرن التاسع عشر، ودفعتها إلى السقوط في أكثر عمليات التصفية البشرية همجية وبربرية.
لم يكن القصد تجاهل العوامل الثقافية المحلية بالتأكيد، وإنما عدم السماح للقوى الغربية -الأوروبية والأميركية- التي مارست ولا تزال تمارس تأثيرا قويا ومباشرا على مصائر دول الشرق الأوسط وتطورها، بالتهرب من المسؤولية، وأكثر من ذلك بتكوين نظرية في الاستثنائية التي تجعل من المجتمعات العربية والإسلامية مجتمعات باردة وساكنة، تعيش خارج أي جدلية تاريخية كونية، ولا تتحرك إلا ضمن شرنقة ثقافة منغلقة على نفسها ومستمرة كما هي خارج حدود الزمان والمكان. وهي أسطورة سلبية هدفها إدانة هذه المجتمعات سياسيا، بإغلاق أي أفق للتحول السياسي الديمقراطي فيها، وأخلاقيا باعتبارها ذات جوهر ثقافي يدينها بالعيش في السلبية الدكتاتورية وانعدام إمكانية بناء أي حياة مدنية قائمة على استبطان معنى القانون والحرية والمسؤولية الفردية والتواصل مع الثقافات الأخرى والتأثر بها والتأثير فيها.

وهي نظرية معادية للعلم تهدف إلى وضع المجتمعات العربية موضع الاتهام والإدانة المستمرة بوصفها المنبع الطبيعي والحتمي للعنف والإرهاب

بيد أن هذا التركيز على العوامل الجيوسياسية -وبالتالي الخارجية، السياقية إذا شئنا- لا ينبغي أن تدفعنا إلى الأخذ بنظرية مقابلة ومناقضة لها، كما يدافع عن ذلك بعض المحللين تحت تأثير النزعة القومية المدنية أو الدينية، ومعظمهم من أصحاب النوايا الحسنة المدافعين عن فكرة استنبات الديمقراطية في العالم العربي. نعني تلك النظرية التي تقول بأن قيم الحرية والتعددية موجودة في قلب الثقافة العربية والإسلامية، وأن غياب الديمقراطية أو بالأحرى الكفاح الواضح من أجل استبدال النظم الاستبدادية بنظم تعددية ديمقراطية، يرجع بالعكس إلى القمع الذي تمارسه نظم حكم مرتبطة بالغرب ومدعومة منه. وأنه حتى عندما تتغير الظروف قليلا وتبدو بعض آفاق التحول الديمقراطي، فإن سكوت الناس وشلل إرادتهم لا يعبران عن ضعف في الوعي السياسي أو غياب لقيم الديمقراطية، وإنما هما ثمرة خوفهم من الحرية كما يخاف الأسير الذي اعتاد الأسر من الخروج من قفصه
.
بالتأكيد لا يمكن تفسير غياب الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط من دون معرفة موقع الشرق الأوسط ودوله في الإستراتيجية العالمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على الأقل، والدور الذي يلعبه في ميادين الإستراتيجية والاقتصاد الدولي والتوازنات الأيدولوجية أيضا. لكن ما يفسر الحركة الكبرى لا يفسر سلوك كل فرد أو تحولات وعيه في هذا الشرق الأوسط المحكوم بقوانين الصراع الدولي بالدرجة الأولى. وليس لخنوع الجمهور وصمته على كل ما يتعرض له من قهر وامتهان، وهو ما يصدم بقوة وعي النخب الثقافية والسياسية الغربية، بل العربية أيضا التي يكاد تأثيرها لا يتجاوز بعض الشرائح الاجتماعية الصغيرة غير التمثيلية.. ليس لذلك علاقة مباشرة بالحركة الجيوستراتيجية الكبرى التي تحكم على الشرق بالبقاء رهن الحروب والنزاعات الساخنة والباردة والأزمات الوطنية غير المحلولة والمحسومة وعدم الاستقرار الدائم واقتصاد الريع والمافيا المرتبطة به.
هناك بالتأكيد مكان للثقافة أو لضعف الثقافة في تفسير واقع الحياة السياسية. وحتى لو لم يكن أثر العامل الثقافي حاسما في إقامة النظم التسلطية التي تسيطر على مجتمعاتنا -وهو كذلك- فإن أثره
الحاسم لا يمكن تجنب الإشارة إليه في تفسير ضعف الحراك الديمقراطي أو إذا شئنا، في فهم الضعف الشديد الذي تعاني منه حركة مقاومة الدكتاتورية والانفكاك عنها، وبالمقابل تفجير ديناميكية الانعتاق السياسي وبناء قوى قادرة على ذلك حيث تظهر بعض الفرص السانحة، أو حيث يمكن استغلال بعض الثغرات في نظم القهر القائمة.
فإذا كان من غير الممكن فهم قيام هذه الأنظمة من دون تحليل السياسات الدولية التي سيطرت على هذه المنطقة، فمن غير الممكن أيضا فهم استمرارها وإعادة إنتاجها، بل تفاقم ظاهرتها، من دون العودة إلى ما يمكن أن نصفه كنقائص في ثقافة الحرية والديمقراطية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
.
فليس هناك شك في أن الشعوب العربية والإسلامية لم تعرف في ثقافتها التقليدية هذا النوع من الحريات التي تنطوي عليها الديمقراطية، ولا اختبرتها في ممارستها، بالمعنى السياسي والمدني الحديث الذي نستخدمها به اليوم، أي من حيث هي حقوق وممارسات فردية ومشاركة في تقرير الشؤون العمومية. فهذا المعنى ثمرة الحداثة السياسية التي جعلت الشعب مصدر السلطة وأسست لشرعية شعبية للسياسة -أي انتخابية ديمقراطية- بعدما كانت شرعية ملكية تبقيها حكراً على الحاكم الملك أو السلطان. وباستثناء فترات قصيرة ومتقطعة، لم تعرف مجتمعاتنا في العصر الحديث -عكس المجتمعات الأوروبية- حياة سياسية ديمقراطية فعلية ومديدة تساعدها على تمثل قيم الحرية بمعانيها المدنية والسياسية. وهكذا بقيت نظرتنا إلى الحرية مطبوعة بالتصور التقليدي إلى حد كبير، الذي يقصر معناها على ما تحيل إليه الشريعة والعرف من صفة الشخص غير المملوك من غيره، أي غير العبد والرقيق.
ولذلك لا يبعث الحكم الدكتاتوري مهما استمر وبالغ في تعسفه، على الشعور بانعدام الحرية، ولا يبدو أنه يهدد قيما راسخة وجودية، أي تتصل بوجود الفرد السياسي وهويته ومعنى حياته. فنحن نبقى من الناحية الشرعية أحرارا. ولا يثور الرأي العام ضد الاستبداد إلا عندما يرتبط بالظلم، فلهذا الأخير مدلولً واضح وسلبي في الثقافة والوعي الإسلاميين. بل إن الدكتاتورية لا ترى كدكتاتورية، ولا تعبر هذه اللفظة عن شيء مهم في الوعي السائد العام. إن المدلول الدكتاتوري يجد تعبيره المفهوم في مصطلحات التعسف والطغيان والفساد، فإذا لم تترافق السلطة المطلقة بالفساد لا نسميها دكتاتورية ولكن زعامة، ونتسامح كثيراً مع تغييبها الحريات. وربما نظرنا إليها كسلطة إيجابية إذا ارتبطت بالتطبيق الدقيق للشريعة أو القانون، واحترمت قاعدة الإنصاف في تعاملها مع الأفراد فلم تميز بينهم. وهذا هو مضمون النظرية الشهيرة" للعادل المستبد" الذي كان يطالب به المصلحون الكبار في العصور الإسلامية، بما في ذلك في عهد الإصلاح الديني الأخير أواخر القرن التاسع عشر. وأعتقد أن أغلبية النخب العربية والإسلامية لا تزال تعتقد حتى اليوم بسبب عدم ثقتها بالشعب، وجهلها هي نفسها بمعنى الحريات المدنية والسياسية إلى حد كبير، بأن حكم المستبد المستنير خير من حكم الديمقراطية الذي ربما أتى بحكومات ضعيفة أو محافظة أو متعلقة بشكل أكبر بمصالحها الخاصة، وبالنسبة للبعض معادية للحداثة والتجديد.
والواقع أننا لم نعرف في مجتمعاتنا معنى السياسة الحديثة من حيث هي مشاركة لجميع أعضاء المجتمع في تقرير الشؤون العمومية. لقد كنا معتادين -مثلنا مثل شعوب العالم جميعاً في القرون الوسطى- على تسليم أمرنا لأسيادنا -ملوكاً كانوا أو أمراء أو أعيانا- في الشؤون العمومية، شؤون الحرب والسلام والحكم والقضاء، وربما حتى الآن، بينما نعتمد في تنظيم شؤون حياتنا الخاصة في كل ما عدا ذلك على تقاليدنا الدينية أو العرفية أو العائلية، أو جميعها.
من الطبيعي في هذه الحال أن لا يحرك شعار الحريات الفردية الذي يعني المشاركة في تقرير الشؤون العمومية، الأغلبية الشعبية التي لم تؤمن يوماً بأن من حقها التدخل في ما هو من اختصاص الأكابر والأعيان. بل ربما كان مثل هذا الشعار سبباً في تنفيرها من السياسة، لأنه يبدو كأنه شرك تستخدمه النخب السياسية المثقفة والحديثة لدفعها إلى الوقوف في مواجهة السلطة وتعريضها لانتقام هذه الأخيرة العنيف، بينما هي لا تهتم إلا بالدفاع عن مصالحها الخاصة. وحتى أولئك الذين استبطنوا معنى الحرية الفردية -وهم أقلية- لا يتجرؤون على المطالبة بها لأنهم يدركون أنه لا أمل في تحقيقها في النظم السياسية العربية الراهنة، وأن المجاهرة بها يمكن أن تعرضهم لانتقام الحكام، تماماً كما كان الأقنان يتعرضون للموت إذا اعترضوا على سياسات أسيادهم الإقطاعيين أو ارتفعوا بتفكيرهم إلى مستوى مناقشة أحكامهم السيادية. لكن القول إن قلة من النخب السياسية والثقافية الحديثة هي التي تملك الحس العميق بمعنى الحريات الفردية، بقدر ما تطمح إلى المشاركة السياسية، والمعاملة على قاعدة المساواة ورفض
العبودية، لا يعني أن قضية الحرية لا تعني إلا النخب المثقفة الاجتماعية والسياسية، ولا تفيد غيرها

إن إقامة نظام مدني قائم على احترام الأفراد ومشاركتهم جميعاً في الحياة السياسية، وتطوير وعيهم المدني، وتعميق شعورهم بالمسؤولية عن مصير مجتمعهم وما يحصل فيه، عن حالته وتقدمه ومستقبله، لا يشكل اليوم النظام الوحيد القادر على بناء جماعة سياسية حية وفاعلة ومبدعة فحسب، قادرة على التفاعل والتعاون والتواصل مع المجتمعات المحيطة بها والدفاع عن نفسها ومصالحها.. إنه يشكل -أكثر من ذلك- شرط ولادة مفهوم المصلحة العمومية، أي نشوء رؤية وطنية تساعد الفرد على النظر أبعد من مصالحه الشخصية المباشرة، ليأخذ بالاعتبار مصالح الآخرين أولا،

وليضع مصلحته الفردية ضمن قاعدة القانون الذي يشكل مصلحة عمومية -لأنه لا بقاء للمجتمع من دونه- ثانياً

نظام الحرية هو وحده الذي يمنع من استفحال الأنانية البغيضة وما يرتبط بها أو ما تنميه من قيم الوصولية والانتهازية والمحسوبية، أي يخلق داخل كل فرد وعيا بأنه جزء من كل، وأن الحفاظ على توازن الكل الاجتماعي وانسجامه شرط لاستمراره في تحقيق مصالحه الخصوصية. وليس هناك أكثر دلالة على ذلك مما نشهده من ارتباط واضح داخل النظم الاستبدادية بين إلغاء الحرية وانعدام المسؤولية وسيطرة المصالح الأنانية، التي تتسبب في تدمير المؤسسات وتعميم الفساد والظلم والاقتتال معاً، من القمة إلى القاعدة.

أما تأسيس عقد جديد ينقل المجتمع من الدكتاتورية والفساد نحو حياة ديمقراطية حقة، فهو مرتبط بمجموع العملية التحويلية التي نسميها معركة الديمقراطية. وهي في نظري معركة تاريخية تستدعي
الاستثمار الفكري والسياسي والاجتماعي والأخلاقي والاقتصادي الطويل الذي يتطلب جهداً متواصلاً وإرادياً كبيراً من قبل النخب الاجتماعية -وفي طليعتها المثقفون- يتناقض كلياً مع الانقلابات العسكرية التي عرفناها في السابق، ولا يقتصر على انتظار انهيار النظام الاستبدادي أو الانقلاب عليه. إنها ترتبط بإعادة بناء الوعي ومنظومة القيم وترميم قنوات التواصل والتفاعل والتضامن بين أفراد المجتمع، وقبل ذلك، بين أفراد النخبة الاجتماعية. ومن دون ذلك لن يجلب الانقلاب على الوضع الاستبدادي إلا وضعاً استبدادياً آخر شبيهاً به أو قريباً في صورته منه. فالدكتاتورية ليست انعكاساً لإرادة شخصية من قبل القائمين عليها حتى لو ظهرت وكأنها كذلك، ولكنها قائمة على شروط موضوعية وذاتية مرتبطة ببيئة فكرية وثقافية وسياسية واجتماعية واقتصادية أيضاً. فشبكات المصالح الأنانية وما تتميز به من بنيات خاصة هي التي تخلق المستبد الحاكم بأمره، وليس العكس. لذلك لا يتحقق الخروج من الدكتاتورية إلا بتغيير يشمل

جميع الأفراد ومستويات الحياة الاجتماعية، فهو مسؤولية الجميع وفي مقدمتهم النخب الاجتماعية

.
والطريق إليه هو تربية الناس وكل فرد على مبادئ المسؤولية، أي إدراك ترابط مصالح الفرد الخاصة بمصالح الأفراد الآخرين، والاستعداد للمشاركة في حمل المسؤولية. بل إن الديمقراطية ليست شيئا آخر سوى مشاركة الجميع في تحمل مسؤولية تقرير مستقبلهم المشترك. إذا وصلنا إلى هذا الموقف ونمينا هذا الاستعداد عند الأفراد، أصبحنا واقعاً أو من حيث الواقع، مجتمعات ديمقراطية. ولا بد للنخب السياسية أن تأخذ ذلك بالحسبان وتستجيب له، فقاعدة الاستبداد الكبرى ومورده هو الاستقالة السياسية، أي التخلي عن المسؤولية وتجريد الفرد نفسه عن التفكير والعمل في الشؤون العمومية


الدكتور برهان غليون
"بتصرف"

Saturday, October 4, 2008

ثقافة الحياة








ثقافة الحياة

اكاد اجزم انه ليس بالامكان تصور حدوث تغييرا حقيقيا ودائما ومستقرا فى الواقع المعاش ، قبل تغيير الذات، وكذلك يصعب ان نلحظ تغييرا في الذات ، اذا لم تتغير الثقافة غير الصحيحة التي عشعشت في عقولنا، فتغيير الواقع يبدا من تغيير الذات، والى هذه الحقيقة تشير الآية المباركة {ان الله لا يغير ما بقوم، حتى يغيروا ما بانفسهم} واذا صح ما قيل من ان تبديات الواقع تبنى اولا في عقول البشر، فان اساسات تغيير الواقع، كذلك، تبنى اولا في عقول الناس من خلال التغيير الثقافي اولا، لماذا؟ لأن الواقع انعكاس لما يفكر فيه العقل، وان المصداق الخارجي لأي حدث او حادثة، هو تطبيق عملي لما يدور في خلد الانسان وعقله، والذي يرسمه ويخطط له الثقافة التي تحدد ملامح طريقة التفكير وقبل ذلك وعي الحالة واستيعاب الامور
نحن، اذن، بحاجة اولا الى تغيير الذات والذي يبدا من تغيير الثقافة
فما هي الثقافة التي نحتاجها لحياة قائمة على اساس الحرية والعدل والمساواة ؟
اعتقد اننا بحاجة الى منظومة ثقافية على سلم اولوياتها....ما يمكن ان نسميه - -ب
... ثقافة الحياة...

ترى، كيف يمكن ان نبني اذا غابت ثقافة الحياة وكانت ثقافة الموت التى ورثناها هي الحاكمة في عقول الناس؟ وكيف يمكن ان نغير واقعنا المزري اذا كانت ثقافة الموت هي الآمر الناهي في حياتنا؟
يجب، اذن، ان نغير هذه الثقافة الى ثقافة الحياة، من خلال معرفة ان الله تعالى خلق الانسان ليحيا وليعيش في هذه الحياة وليعمرها على احسن وجه، فهو تعالى لم يخلقه ليموت، ولو كان هدف الخلق الموت، لجاز الانتحار وطلب الموت بارخص الاثمان، بل ان الله تعالى عندما خلق الانسان وفر له كل الادوات واللوازم من اجل ان يحيا احسن حياة وبكامل السعادة، شريطة ان يلتزم بما امره به الله عز وجل، واعتقد انه الى هذا المعنى تشير الآية الكريمة {وألو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماءا غدقا
ولان الله تعالى خلق الانسان ليحيا، لذلك جعل الدنيا مزرعة الاخرة، كما ورد في الحديث الشريف
المهم هو ان نتعلم كيف نعيش ، اما الموت فلسنا بحاجة الى ان نتعلم طريقه وطريقته، فسيأتينا رغما عن انوفنا، انما المهم ان نتعلم كيف نعيش حياتنا وهي الفرصة الوحيدة التي يمنحها الله تعالى عادة لكل واحد منا، فاللحظة التي تمر علينا لا يمكن ان تعوض ابدا أو تعود، والى هذا المعنى اشار قول الشاعر؛
دقات قلب المرء قائلة له
ان الحياة دقائق وثوان

واذا كانت هذه هي حقيقة الحياة، واذا كانت الحياة دقائق وثوان واذا كانت الحياة فرصتنا الوحيدة، واذا كانت الحياة هى الجسر الذى نمر عليه وعبره الى الاخرة، وهي المزرعة التي نزرع فيها
ليوم الحصاد الاكبر، فلماذا لا نستغلها على احسن وجه ونوظف لحظاتها من اجل انجاز اعظم ما نقدر عليه من الاعمال الصالحة؟ ولماذا نسوف في الزمن ونهدر الفرص ونستهلك العمر، الذي
يتشكل من مجموع الثواني، بالقيل والقال والكلام الذي لا يغني ولا يسمن من جوع؟

علينا ان نتعلم كيف نعيش، لنتعلم كيف ننجز اعظم الامور باقصر زمن وباقل التكاليف والتضحيات، لان الحياة فرصة تمر مر السحاب
، ولنتذكر دائما بان الله تعالى سائلنا عن عمرنا فيما صرفناه وكيف وما الذي حققناه في هذه الفرصة الوحيدة،

ولذا علينا ان نزاحم العلماء والفقهاء والمثقفين والمتنورين الذين يعلموننا كيف نحيا بعز وكرامة وانسانية، فنصغ الى نداء الحياة قبل ان نصغ الى نداء الموت، ونستمع الى صرخة البناء قبل ان نصغ الى هراء الهدم
اننا مسؤولون عن الامانة التي قبلنا ان نتحمل مسؤوليتها، طالما كنا في هذه الحياة الدنيا، اما اذا متنا فلسنا مسؤولون عن شئ

ان الله تعالى خلق البشر ليحيا لا ليموت، والا فلماذا خلقه اذن؟ ولماذا بعث له الرسل والانبياء والمناهج والرسالات؟ اوليس من اجل ان يحيا الحياة التي تمناها له ربه عز وجل؟ وهو الذي خلقه خليفة في الارض ليعمرها؟

، كفانا شعارات براقة وكاذبة
ولنتعلم ثقافة الحياة
، ، و نتشبـع بثقافة الحياة
لقد اوصانا الرسول الكريم خيرا عندما قال {ان قامت الساعة وفي يد احدكم الفسيلة فان استطاع ان لا تقوم الساعة حتى يغرسها فليغرسها
...
انه اراد ان يعلمنا حب الحياة حتى آخر لحظة من عمرنا، فبالرغم من ان غرس الفسيلة في آخر لحظة قبل قيام الساعة لا ينفع المرء شيئا في الحياة، وكلنا يعلم بان الفسيلة بحاجة الى مدة لا تقل عن سبع سنوات قبل ان تثمر، الا انها تنفعه في الحياة الاخرى لانها ستشهد له يوم القيامة عند ربها عز وجل كون هذا الانسان الذي غرسها حاول ان يهبها الحياة، بغض النظر عن نجاحه بذلك من عدمه، لكن المهم انه حاول وكان صادقا في محاولته

Tuesday, September 30, 2008

قال الحمار؟؟؟




قال الحمار ...ياسيدى
لك الخيار..؟




هناك قضية احسبها جوهرية فى عالم الثقافة والمثقّف - تكمن في العلاقة بين السلطة والمثقّف .
... هي ليست وليدة يومنا وعصرنا، بل هي شيء موجود منذ أن انقسم الناس لحاكم ومحكوم.... يتحكّم بهذه العلاقة نزوع لإثبات الحقيقة وإشاعتها والدفاع عنها لدى البعض المثقف، بمواجهة نزوع لدى اطراف اخرى، وما تمثّله، في ابتسار الحقائق وطمسها لشتّى الأسباب والذرائع، حفاظا على الكراسى !!!
قبل الاسترسال ، دعونا نحدّد ما الذي نعنيه بمفردة «المثقّف» و«المثقّفين
نقصد بالمثقّف والمثقّفين تحديداً ، أولئك الذين يتوسّلون بوسائل إبداعية، فنية أو أدبية، لتقديم إسهامهم الذي لا بدّ منه لعملية الارتقاء والنهوض بمجتمعاتهم. إنهم جزء من المثقّفين، لكنهم ليسوا هم وحدهم المثقّفين حصراً. إنهم جزء من الجسم الثقافي. جزء هام وحيوي، بالغ التأثير وشديد الفعالية والديناميّة، لا غنى للحاكم والسياسي عنه. يحتاج إليه المواطن والوطن مثلما تحتاج إليه الأحزاب والأيديولوجيات . الكلّ بحاجة إليه، والكلّ يرتاب منه، باستثناء أولئك الذين يخاطبهم أو يوجّه إبداعه لهم، ألا وهم عامّة الناس وسوادهم الأعظم. إنّهم يبادلونه الودّ والحبّ .... لسان حالهم يقول:
إنه أديبنا، شاعرنا، فنّاننا، كاتبنا يعبّر عنّا...
ولهذا يحظى المبدع أديباً وفناناً بكلّ هذا الحبّ والتقدير وسط الجماهير البسيطة من الناس التي لا حظّ لها من الثقافة، ولا قدرة لها على تذوّق العمل الإبداعي المنجَز، مثلما يفسّر لنا موقف الشكّ والريبة والاحتقار المُبطَّن للمبدع من الحكّام ودهاقنة المال. إنّهم يعرفون بداهة وبالفطرة أنّ كان المنتج الإبداعي لهم ام عليهم ؟؟؟؟
ا..
المثقّف...
هو كلّ من حاز مستوىً معيّناً من الثقافة يؤهّله لفهم نفسه وما حوله، هذا التحصيل الذي يهيّئه للإدلاء بدلوه في شؤون الأمة والمجتمع. وقد يتحوّل المثقّف إلى مُبدع، إذا أصبح منتجاً للثقافة في حقل من حقولها ، حيث تصبح هذه الثقافة التي أنتجها مادّة استهلاكية للغير. وقد يكون المثقّف المبدع (مُنتج الثقافة) أديباً أو فناناً، مهندساً أو طبيباً، مُزارعاً أو أستاذاً، عالم دين أو رجل سياسة...
... حديثنا هنا على المثقّف الذي حقل اختصاصه الفكر، كاتباً، شاعراً، مؤلفاً، فناناً في كلّ الاختصاصات، فيلسوفاً، مؤرّخاً، صحافياً...
المثقّف من هذا النوع يعيش وينمو بعيداً عن السلطة بنوعيها، سلطة الحكم، وسلطة رأس المال، وغالباً ما يكون الكثير منهم في صراع مع السلطة، والحديث هنا عن السلطة في بلداننا العربية قطعا ....، وهي سلطة مستبدة بطبيعتها
عبر التاريخ، كان المثقّف من هذا النوع ضحيّة قمع السلطة. كان يخضع باستمرار لضغط السلطان، وإغراء المال. فإن انساق للمنطق الذي يستوجبه مبرّر وجوده، فإنه سيكون إمّا ممّن يقضي بقية عمره في زنزانة، أو ممّن يختتم حياته بقتل مُعلن أو آخر مُريب. وإن خضع للضغط وهادن، فإنه لن يعدو في أحسن الأحوال أن يكون من زمرة وعّاظ السلاطين، حيث يصبح ممتهناً للتزوير والمدح وتزييف الحقائق.
مما أسهم في إضفاء صدقية زائفة على وقائع سُمِّيت تاريخية، وما هي بوقائع، وما هي بتاريخية، بل هي أباطيل واختلاقات....ولذا قلنا وما زلنا نقول بأهمية التدقيق والتمحيص والتدبر فى كل موروثنا الثقافى، حتى لا يتم تزييف الواقع وطمس حقائقه، واغتيال وتزييف التاريخ وإبطال الوعي .

قال الحمار ...ياسيدى
لك الخيار..؟
بين الذهب
أو السيف

Sunday, August 24, 2008

كليلة ودمنة


دار حديثنا انا وصديقى "الفكرة الفائقة" عن عالم القرود فى تدوينة سابقة...وتذكرت الاية""
َوإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً"""
بعد يومين وجدت السطور التالية وقد احتفظت بها لدى منذ فترة... ولآنى احترم الحمير ....
واحرص قدر جهدى على ان لا اجعلها تغضب منى فقررت ان اواسيها بهذه التدوينة!!!

كليلة ودمنة


قال دمنة :
لست أدري متى ستُريحني من عجائبك التي ما فتئتَ تُزعجني بها ، وأنت العاقل الأريب ! وها أنت تقول وتُـلِّح بأنَّ الحمار
قد يكون أوعى من البشر ، أو بعض البشر
كليلة :
نعم اقول ذلك ، وانى أراك تحفظ وتُكثر من الكلام والشعر ، ولكن بلا فهم ولا بصيرة ، وأيُّ شيءٍ ينفعك الحفظ إذا لم تعلم ما تقول ! ، والا لما قُلتَ في الحمار ما قلت ، ولعلمتَ مِن ثَمَّ أن الشعر الذي ترويه ذما وطعنا فى الحمار، وطِرتَ به يمنةً ويسرةً لم تقله العربُ في الحمار الذي يمشي على أربع ، ولكنه قيل فى رجل من بني البشر اسمه حمار !
وسأحدثك حديثا ليس بالكذب ولا بالخيال ، عن جدلية الوعي والاستحمار ، وكيف أنهما يتنقلان بين خلق الله بحسب الأحوال ، فقد يأخذُ الحمارُ مكان الإنس ، كما يأخذ الإنسُ مكان الحمار من غير أن يتشرفَ الحمارُ بذلك

دمنة :
وكيف كان ذلك ؟

كليلة :
زعموا أنَّ الحمار قال لصاحبه : أرجوك لا تستحمرني ... فأجاب الرجل بتعجب : ولكنك حمار ! وأنا عندما أستحمرك لا أزيد عن اشتقاق فعل من اسمك الحقيقي !
قال الحمار : إنَّ كوني حماراً شيءٌ ، وكونك تستحمرني شيءٌ آخر ، وأنا لا أتبرأ من حُموريتي ، فهكذا خُلقت ، ولذلك وُجدت وبه أفخر ، ولكني أطلب من جنابك ألا تستحمرني ، يعني ألا تتجاوز باستخدامك لي حدَّ حموريتي ، فلا تهزأ بي ، ولا تستضعفني ، ولا تُنكل بي ، فإن فعلت ذلك فإياك والوقوف خلفي ، لأني حمارٌ مطيع ما دمتَ حماراً بطبع تكويني ، وبفعل نفسي ، فإن أردتَ استحماري وحملي على خلاف طبيعتي ، فإنَّ لي قدمين يفلقان الصخر .

وفي منطقة اسمها شرق المتوسط ، قال الحاكم لشعبه : أُريد استحمارك
فقال الشعب بتعجب : وتسأل يا سيدي ؟! إننا رعيتك ، فافعل بنا ما تشاء .
قال الحاكم بلهفة - فهو لم يكن يتوقع هذا التجاوب السريع ، :
ولكن أتعرفون معنى استحمار
ردَّ الشعب :
ونعرف إعرابها وتصريفها واشتقاقها ، وما عيبُ الحمير يا مولانا ؟! أليست من خلق الله تبارك وتعالى ؟ يا ليتَ... أنَّا لنا صبرها وَجَـلَدَها وجِـلدها . مع أننا يا سيدي لا نوافق الحمير على كل أخلاقها ، فنحن نرفض النهيق كي لا نزعجك . ونشتت افكارك الملهمة ، كما اننا نرفض ، وبشدة ، الرفس لأنه عنف لا يليق بنا !

دمنة:....؟؟؟!!!!( فى حالة ذهول)...

كليلة :
هل سمعت بأغرب من هذا ؟ لا أظنك
الم اقل لك قد يأخذُ الحمارُ مكان الإنس ، كما يأخذ الإنسُ مكان الحمار من غير أن يتشرفَ الحمارُ بذلك

السلام عليك وعلى الحمار

Wednesday, August 20, 2008

طب بديـل












طب بديـل


يجفف ورق البردقوش ويطحن جيدا ... ينقع فى زيت الزيتون
تناول مقدار ملعقة كبيرة من الخليط 3 مرات يوميا ولمدة اسبوع واحد...
سوف تلاحظ تحسنا كبيرا فى مقدار الجرأة والشجاعة التى تمتلكها ...
عند ذلك واصل تناول الوصفة ولكن بشكل " تناقصى"

فى الاسبوع الثانى مرتان فى اليوم وفى الاسبوع الثالت مرة واحدة فى اليوم....
احذر من عدم الالتزام بالمقادير..

والا ستجد نفسك وصلت الى حالة تسمى التهور ربما تفضى بك الى السجن !!!!

2

اذا آنست فى نفسك القدرة على الكلام ومن قبله القدرة على التفكير !!!
فما عليك الا اللجوء للخلطة السحرية ، المكونة من 99 حبة من الحلبة ومثلها من "اللبان المر"
تنقع فى 100مل من بول الابل...

يلاحظ التحسن من اليوم التالى....
ايّــاك ان تفرط فى تعاطى هذه الوصفة،،،،
فالتفكير والكلام من آفات
هذا الزمان والنتيجة المحتومة والمجربة لافراطك
هى الدخول فى مرحلة من مراحل الجنون والعياذ بالله !!!


3

هناك وصفة ثبت انها الشافية من اوهام
الحالمين بالعيش بحرّية وكرامة ..
احرص على تناول الدجاج المشوى المتبل بكميات وفيرة من الزعتر الجبلى
فالدجاج وما به من هرمونات الاعلاف والزعتر يهدىء الاعصاب،،
،،،،،،
سوف تشعر بتحسن كبير وبواقعيةهادئة
ونوم العوافى يا حضرة المحترم !!!

4

نصيحة لوجه الله

هناك الكثير من المتطفلين على مهنة الطب البديل وطب الاعشاب ،
يقدمون
وصفات غير صحيحة نحذرك منها...
على سبيل المثال ، ما يشاع عن فوائد " الفجل" فى دعم وتعزيز الفحولــــة
لدى الرجال....
فقد ثبت لدينا انها وصفة غير مؤكدة وغير صحيحة لا تخلف
وراءها الا الغازات ....
..التى ربما تكون سامة لك ولمن حولك
..

*******

.اذا لم تفلح معك وصفاتنا راسلنى على ايميلى
او اتصل على مركز الهاشمى
لطب الاعشاب
الذى بشر المشاهدين على قناته الحقيقة انه اكتشف خلطة من
الاعشاب تشفى من مرض الايدز وبجرعة
واحدة .....""ههههههههههههههه

عزيزى القارىء انسحب من الحياة اليومية وتبعاتها
وعش فى العالم
الافتراضى ""الحقيقى"" الانترنت
.

Tuesday, August 12, 2008

نحن والتاريخ



تجربة القرود






وضع أحدُ الباحثين خمسة قرود في قفص، وعلَّق في سقفه قطفاً من الموز، وتحته وضع سلماً



قرود وموز ؟
!!!!
النتيجة سيحاول القرود الحصول على الموز
صعد واحد منهم إلى الموز ، وما أن وصل إليه حتى بدأ الباحث يرش على الجميع ماء بارداً ،
وحاول آخر فتكرر سقوط الماء البارد على الجميع ، فصار إذا أراد أحدهم الصعود منعه الجميع ،
فإن أصر تناولوه بالضرب ، فكان أن امتنعوا جميعاً عن محاولة الوصول إلى الموز ؟؟؟

أخرج صاحبنا الباحث أحد القرود ، وأدخل مكانه آخر ـ ولنطلق عليه اسم سعدان ـ لا يدري عن الموضوع شيئاً ، ولأن القرد يبقى قرداً ، ولأن الطبق المفضل للقرد هو الموز ، فما إن رأى هذا الغشيم قطف الموز ، حتى همَّ بالصعود إليه ، فقال له البقية إلى أين ويحك ؟ وأوسعوه ضرباً ، فلم يعد المسكين إليها وهو لا يعرف لماذا ، لأن صاحب التجربة لم يعد يرش الماء على القرود ! ثم بدل الباحث قرداً آخر ، وحاول كما حاول من قبله أن يصل إلى قطف الموز فضربوه ، والملحوظة المهمة هنا أن القرد البديل الأول الـذي سميناه سعدان شارك بالضرب وهو لا يعرف لم ضُرِب ولم ضَرَب ! وهكذا تم تبديل كل القرود وجيء بقرود جدد لا يعرفون عن العقوبة بالماء البارد شيئاً ، فلم يحاول أي منهم أن يصعد إلى قطف الموز ، وكانوا يضربون كل جديد يحاول ذلك مع أن أحداً منهم لا يعرف عن أصل الحكاية شيئاً
!!

... كم من القضايا التاريخية تلقيناها كما هي ولم نحاول يوماً أن نراجعها، ومن حاول كان مصيره الضرب والقمع ؟! مع أننا لا نعرف لم وكيف، تـقبلناها كما هي وساهمت في تكويننا، وأصبحت جزءاً من ثـقافتنا، وجزءاً من شخصيتنا. و هي قضايا تناقلها اللاحقُ عن السابق، والخلفُ عن السلف، ولم يكلف أحد نفسه أن يقوم بمراجعة لها. وأوضح مثال على ذلك مسألة الاستبداد ! فكم من الباحثين فضلاً عن عوام الناس يستغرب إذا علم أن تاريخنا هو تاريخ خضوع الإنسان، وليس هذا فحسب بل وباسم الإسلام أيضاً ! و من أعجب العجب أننا نروي قصص عدول الحاكم عن الظلم بفخر للتـدليل على عدل ورحمة ولي الأمر !! نستـغـرب أنَّ هذا الاستبداد لا زال يفعل فعله في حياتنا،
وأنَّ حياتنا بما فيها من نفاق ما هي إلا صناعة هذا التاريخ الممتد، وأننا لا يمكن أن نتغير وننهض ما دمنا على هذه الأخلاق

.. لماذا تضربني يا سعدان ؟؟
!!!
ابراهيم العسعس "بتصرف

Wednesday, July 30, 2008

sms



sms


رسائل قصيرة



***

أن أحد أهم الصفات الطبيعية للايمان أنه يتغير / ينمو / يتطور / ينضج / سواء علي مستوي الفرد أو المجتمع ــ بالتالي فأن محاولة إصباغ الإيمان بصبغة الثبات والجمود تعيق تفعيل دوره المأمول



***


ــ أن إعلان جماعة ما احتكار الإيمان والحقيقة المطلقة _ ثم اعلان طائفة داخل هذه الجماعة احتكارها لصورة من صوره
هي أحد أهم أسباب هشاشة أي نسيج مجتمعي ــ فالايمان حرية ــ ويقاس ايمان الفرد بما يتيحه للمؤمن الآخر من حرية اعتقاد وحرية تعبير عن معتقده



***

ــ أن ثقافة الوصاية التي يمارسها السلاطين وفقهائهم سواء من خلال تنفيذ احكام الله من وجهة نظرهم أو توقيع عقوبات علي مخالفيهم ــ أحد أهم أسباب انتشار ثقافة الخنوع والخضوع



***
ــ أن الإيمان والدين في تاريخ النشأة كانا شكلاً من أشكال الاحتجاج الايجابي علي الواقع من خلال تقديم رؤية مستقبلية تدفع بالانسان والمجتمع الي الأمام _ ولآن الدين مكون هام وكبير فى ثقافتنا - ولكي يستعيد الايمان والدين قدرتهما علي التغيير والاصلاح والتقدم لابد أن يكون لهما دائما وباستمرار رؤية مستقبلية تتفاعل مع الواقع ومتغيراته- وأن يتم التعامل مع الماضي من باب المعرفة وليس من باب الاتباع _ علينا أن نحترم تراثنا لا أن نقدسه، أن الذين أنتجوا التراث كانوا رجالاً ولكل عصر رجاله ومن هنا تبرز أهمية وضرورة أن يكون هناك

دائماً وباستمرار مرجعية معاصرة تتفاعل مع العصر (زماناً ومكاناً



***

ــ أن النص المقدس ثابت أما فهمه فهو متغير ويجب أن يكون متغيراً وباستمرار حتي يستطيع النص إدارة حركة المجتمع ويدفعه دائماً الي المزيد من التقدم ــ أنه لا يوجد تناقض بين النص المقدس من جهة والعقل والحقيقة من جهة أخري ــ ولذلك يجب رفض القول بأن هناك نصوصا غير قابلة للفهم ــ ففهم النص المقدس عمل بشري / تاريخي / نسبي / مرحلي



***
ــ التأكيد علي أن هناك فرقا كبيرا ونوعيا بين السلفية والأصالة ــ فالمصطلح الأول سلبي عقيم وهو يعني اتباع خطي السلف
بغض النظر عن متغيرات الزمان والمكان ــ اما الثاني فهو ايجابي مثمر فهو كالشجرة العتيقة ذات الجذور العميقة التي مازالت تعطي ثماراً
حتي يومنا هذا لكونها تتفاعل مع زمانها ومكانها



***
ــ أن انتشار ثقافة التواكل والاتكال علي الله ــ وأن الله هو المسئول علي كل أفعالنا حتي الشرير منها ــ أضعف قيمة تحمل المسئولية في مجتمعاتنا ــ ولذلك لكي يستعيد الإيمان والدين قدرتهما علي دفع المجتمع الي التقدم والمنافسة لابد من التأكيد علي أن عمل الدنيا هو أساس جزاء الآخرة والعمل الصالح أحد أهم أركان الإيمان بغض النظر عن صبغة الأخير



***
ــ أن استعذاب البعض للخنوع والخضوع شكل من أشكال العبودية تلك القيمة السلبية التي جاء الإيمان والدين ليخلص الانسان منها ــ أن هذه القيم السلبية ليست قيم فطرية في الشعوب العربية بل هي صفات مكتسبة أفرزتها ثقافة الاستبداد بصورها المختلفة



***
ــ أن الخوف من الاختلاف مخافة الانشقاق والفرقة ــ والمبالغة والتأكيد علي اتفاق الأمة رغم تنوعها الثقافي هو تكريس لفكرة الدولة الانصهارية ــ الذى كرس ثقافة الطاعة العمياء لولي الأمر (السياسي والديني)

***
لا اكراه
ــ أن الإيمان هو الحرية ــ وأن قيمة الاختيار عند الله من أسمي القيم ويسعده ممارسة الانسان لها بغض النظر عن نوعه واتجاهه ــ وبالتالي فلكي يستعيد الإيمان والدين قدرتهما علي التغيير الايجابي عليهما الإعلاء من ثقافة الاختيار من خلال الحث علي تفعيل العقل والموضوعية، إيماناً بأن كل انسان مشروع مستقل بذاته. أن إعلاء ثقافة الاختيار سوف تفرز الاختلاف والتنوع الخلاق وهي أحد أهم القيم التي اعتمدت عليها الدول التي تقدمت وتقود الحضارة الانسانية الآن

Sunday, July 27, 2008

مغلق للصيانة !!!!!



مغلق للصيانة

!!!!!


واقعنا مغلق ...والاسباب متعددة... وربما تكون هذه محاولة للتعرف على تلك الاسباب وصولا الى امنية تدور فى عقلى مفادها ان الامر ليس هينا
ولكن الاصلاح ممكن وان الاغلاق للصيانة فقط ...

والحديث هنا عن التعصب


فالعلم و التاريخ وحقائق الواقع في مختلف بقاع الأرض كلها تشهد بوضوح تام بأن المجتمع المكبَّل بالتعصب مجتمع مريض..... وهو ضحية ظروف وأوضاع تاريخية وثقافية وسياسية فهو لا يتعمَّد التعصب بل لا يعرف أنه متعصب ولا يعترف بأنه مغلول بهذا القيد الثقيل وإنما يتوهم أنه الأشد حرصاً على الحقيقة والأكثر امتلاكاً لها بل المالك الوحيد للحقيقة الناصعة المطلقة ؟؟؟؟؟

إن التعصب كارثة على أهله قبل أن يكون عدواناً على غيرهم وهو انغلاق للعقل وانطماس للبصيرة وحجر على الذات ولكنه ليس اختياراً يختاره الفرد أو المجتمع وإنما ينشأ الناس في بيئة تقوم على التعصب لعرق أو قومية أو مذهب أو طائفة فيتربون عليه (ويتبرمجون به) ويصبحون أسرى له ، فبالتنشئة يمتزج التعصب في نفوس الأفراد وينغرس في أعماق وجدانهم تتشرَّبه عقولهم وتتشكّل به طبيعتهم فيصيرون معجونين به : فكراً وعواطف وقيماً وأخلاقاً فلا يخطر على بالهم التساؤل حوله ولا التشكُّك به فهو في نظرهم قمة الكمال فالحماس له هو ذروة الصدق والصفاء والإخلاص فيستميتون في الدعوة إليه والدفاع عنه لأنهم لا يدركون طبيعته
فهم مندمجون فيه وليس بينهم وبينه أية مسافة ليتاح لهم إمعان النظر فيه بتجرد والحكم عليه حكماً موضوعياً
ولا يمكن لأهل التعصب الانفكاك منه لأنهم لن يسعوا لهذا الانفكاك فهم راضون عنه ومغتبطون به فيستحيل عليهم التخلص منه إلا بمؤثر طارئ قوي جارف من خارج النسق ينتزعهم انتزاعاً من قواقع التعصب ويخرج بهم إلى فضاءات الانفتاح وآفاق التسامح

المعضلة انه إذا كان المرضى يسعون لطلب العلاج فإن مرضى التعصب سواء على مستوى الأفراد أو المجتمعات لا يعترفون بمرضهم بل يتوهمون أنهم الأكثر عافية فهم يسعون لضم الآخرين إليهم أما أن يسعوا للتخلص من كارثة التعصب فهو محال لأن المتعصبين لا يدركون تعصبهم ولا يعترفون به بل يرون أنهم على الحق المبين وأن غيرهم في الضلال البواح
..
النقطة الأخرى المهمة التي يجب التأكيد عليها فهي إبراز أن التعصب هو الأصل في كل الثقافات أما الانفتاح والتسامح والاعتراف بحق الاختلاف وإدراك نسبية الفهم البشري للحقائق فكلها إنجازات إنسانية طارئة لم تتوصل إليها البشرية إلا بعد قرون متطاولة من الغرق في الصراعات القومية والحروب الدينية والعرقية والطائفية والمذهبية والإثنية

إن التعليم الحديث لا يكون مجدياً فى الشفاء من داء التعصب ما لم يسبقه ويصاحبه التفكير النقدي الذي يؤدي إلى الخروج من متاريس التعصب والانتقال من ظلمة الانغلاق إلى ضياء الانفتاح ومن ضيق التعصب إلى سعة التسامح ومن ثقافة الإخضاع إلى ثقافة الإقناع فلا جدوى من التعليم إلا بحرية النقاش والاعتراف بحق الاختلاف وقبول النقد بل والترحيب به والحث عليه بوصفه مفتاح طاقات العقل وبه تتعرى الأخطاء وتبرز الإيجابيات وتتقلص السلبيات


فلا يمكن لأي مجتمع أن يخرج من أنفاق التخلف المظلمة ويتجاوز خطوط الدوران العقيمة إلا إذا هو أفلت من أسر التعصب وأطلق طاقات العقل واكتسب مهارات الفكر والفعل وأدار أموره بوعي وأمانة وشفافية ووضوح وتكامل وفاعلية..

إن التعصب ليس طارئاً على الحياة البشرية بل هو الأصل في كل الثقافات وعند جميع الأفراد والجماعات والفئات والأمم فهو الذي حال دون التقارب الإنساني وهو الذي أوقف إزدهار الحضارة آلاف السنين وارتهنها ضمن مسارات ثابتة لا تتجاوزها إنه العائق الأكبر لانطلاق العقل واتساع العلم وتقدم الحضارة أما تجاوز هذا الأصل فهو انتقال استثنائي هائل إنه وثبة مدوية تؤدي إلى تغير ثقافي نوعي لذلك لا يتحقق هذا التجاوز على مستوى الأمة إلا بقفزة ثقافية هائلة تتغير بها الرؤية العامة للأمة وتتبدل مكانة الفرد ومنظومة القيم وعلاقات السلطة وطريقة التفكير وأسلوب الحياة ونمط التعامل وتركيبة المجتمع ومكونات الثقافة
ليس محالاً
الشفاء من داء التعصب وذلك( وباختصار) بفتح ابواب النقد والنقاش والتساؤل والانتقال من ثقافة التعصب الى ثقافة التسامح ومن ثقافة الاخضاع الى ثقافة الاقناع

....
ونختم بالعودة الى اسم هذه المدونة؟؟؟ .....
لااكراه ،،،،

Tuesday, June 10, 2008

ثقافة الصمت



ثقافة الصمت


مشكلة تاريخية مستعصية

انها اشكالية مزمنة ليس في حاضرنا، بل هي مشكلة مستعصية في تاريخنا بحيث انتجت حالات الصمت ثقافة خفية باستطاعة المرء كشفها، خصوصا وان تلك " الثقافة " كرسّت نهج الاستلاب للمواقف والمنتجات والخطاب وكل معاني الذات..
الصمت غدا بحد ذاته ثقافة يألفها الناس ليس في الازمان العصيبة فحسب، بل حتى في الايام العادية. الصمت قد يغدو فلسفة وقد يصبح سياسة، او قد يكون ضرورة، او يجمعها كلها في " ثقافة " مميزة واضحة يرتع اصحابها بالخوف وتلجم افواههم بالاقفال ، .....
الصمت يغدو تجليا في بعض الاحيان ولدى بعض الناس، او يكون فلسفة وعبادة كي تدع النفس تتأمل وهي صامتة.. اي بمعنى انها تقرأ كل ما يحيطها وما لا يحيطها وهي صامتة تجرى حواراتها في دواخل الاعماق.. الصمت عدا التأمل يمكن استخدامه ممانعة ورفضا واعتراضا.. اي انه تعبير عن حالة معينة من القطيعة باعلى درجات الشعور.. وعليه، فثمة مسيرة صامتة وخطابا تعبيريا صامتا.. ربما تستخدم فيه لغة مبهمة او لغة الاشارات والرموز.. كي تقوم الملامح مقام الخطاب..
وتمر بنا عبارات : لحظة صمت.. دقيقة صمت.. حلم صامت.. نظرة صامتة.. صمت القبور.. لغة الصمت.. التواصل الصامت.. الموسيقى الصامتة.. المسكوت عنه.. سؤال الصمت.. ساد الصمت.. لغة العيون.
باختصار : ان المتوارث في ثقافاتنا منذ القدم وحتى اليوم يقول بأن من يقول كلمته بشجاعة سيدفع ثمنها خصوصا اذا كان في مجتمع تغيب عنه الحريات، وفي بيئة تسودها شريعة الغاب، وفي مخاض تنعدم منه الموازين.. وكثيرا ما يصبح الرأي الاخر او الاجتهاد او النقد المخالف عرضة للتشويه والاستلاب، بل ربما يدمره التكفير والتخوين والقتل
ان القسوة هي التي علمت الانسان كيف يلبس الاقنعة المتعددة، ثم كيف يظهر ويختفي.. كيف يتكلم ومتى يصمت؟ الظلم هو الذي خلق من الانسان ان يظهر عكس ما يبطن والعكس وقت الضرورة صحيح.. ثمة من يقول ان الصمت هو من اجل الحيطة والحذر، والمعروف ان من يلوذ بالصمت هو نقيض من يهوى الثرثرة ونشر الفضائح.. ان مجتمعاتنا التي ارادت ان تتحرر في القرن العشرين من كل اوبئة الماضي، غير قاصرة في ان تمتلك ثقافة نقدية تساهم في تحقيق منجزات خارقة.. ونمتلك تاريخا من النضال السياسي.. وميراثا حضاريا من النقد وصناعة المواقف.. لقد انجبت مجتمعاتنا نسوة ورجالا على امتداد التاريخ كانوا نبراسا في الشجاعة والمقدرة وحسن التقدير وصناعة الخطط والمواجهة.. واليوم نفتقد الكثير من كل تلك السمات والخصائص والمميزات.. اذ ساد الاستسلام والاختفاء او التمرد والتوحش القاتل

Wednesday, May 21, 2008

مفهوم الحرية



مفهوم الحرية في الإسلام


سأبدأ حديثي بالمقدمات الآتية
>>>>>

أولاً -
ثمة أمور عندي غير قابلة للنقاش، منها الإيمان. فالإيمان بالله عندي تسليم وأنا مسلّم بوجود الله واليوم الآخر. وهذه مسلّمة. والمسلّمة هي أمر لا يمكن البرهان عليه علميا، كما لا يمكن دحضه علميا. ولهذا لا يجوز للملحد المنكر لوجود الله أن يقول: أنا ملحد لأن الإلحاد موقف علمي، ولا يجوز للمؤمن بوجود الله في المقابل أن يقول: أنا مؤمن لأن الإيمان موقف علمي. وعندي أن الإلحاد أو الإسلام خيار يختاره الشخص بنفسه ولنفسه. وغير قابل لأن يكون موقفاً إيديولوجياً لقيادة دولة أو مجتمع وفي هذا الخيار أنا من المسلمين
. ثانيا -
الإيمان بأن محمدا عبد الله ورسوله، وبأن الكتاب الذي نزل عليه وحي موحى من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس. وهذا عندي أيضا إيمان تصديق أنا به مؤمن كشأن إيمان التسليم الذي أنا به مسلم. وبهذا أنا من المؤمنين أتباع الرسالة المحمدية
ثالثا-
الكتاب الموحى لا يعتبر دليلا علميا، بل هو دليل إيماني. وعلى اتباع الرسالة المحمدية تقديم الدليل العلمي على صدقيته من خارجه. ولو كان القرآن دليلا علميا، لكفى أن نقول لأي إنسان قال الله تعالى كذا وكذا فيقبله. ومن هنا فان على اتباع الرسالة المحمدية عندما يخاطبون العالم أن يقدموا الدليل على صدقية ما ورد في المصحف من خارجه وليس منه. فالعقل كالمظلة لا يعمل إلا مفتوحا، فإذا أغلق توقف عن العمل، وتسبب في قتل صاحبه. وعلينا أن نفتح عقولنا حتى لا نموت. لكن الثقافة العربية الإسلامية الحالية ثقافة تقليدية تراثية نفتح الكتب والتلفزيونات والبرامج الثقافية، فنجد الثقافة العربية الإسلامية تعيد إنتاج نفسها، وتكرر نفسها. لماذا؟ لأنها ثقافة تقوم على القياس ولا تقوم على الإبداع، ونحن نحتاج إلى إبداع وليس إلى قياس. وهي بهذا الآن عاجزة عن إنتاج المعرفة.
نأتي الآن إلى المفاهيم والقيم
.
القيمة الأولى هي الحرية،
والقيمة الثانية هي العدالة
.
هاتان القيمتان كامنتان وراء كل الثورات الكبرى في العالم، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية. فحتى في الثورات ذات الجانب الدنيوي نجد هاتين القيمتين الحرية والعدالة. ثورة أكتوبر الشيوعية قامت من اجل العدالة قبل أن تقوم من اجل الحرية، وأعلنت صراحة أنها ديكتاتورية. وثورة الزنج قامت من اجل الحرية قبل أن تقوم من اجل العدالة. وهناك ثورات قامت من اجل الاثنتين معا. من الناحية النظرية، أين نجد مفاهيم الحرية والعدالة في تاريخنا العربي الإسلامي، وأين نرى هذين المفهومين في كتاب الله الموحى وفي سنة نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم). وكيف مورس هذان المفهومان في تاريخنا العربي الإسلامي
الحرية حتى هذه الساعة وعلى مر عصور التاريخ ليس لها وجود في الوعي الجمعي العربي والإسلامي.
هناك سببان
:
الأول معرفي بحت، والثاني سياسي. فالسبب المعرفي هو أن كلمة الحرية لم ترد في كتاب الله إطلاقاً، بل كل ما ورد في كتاب الله عن الحرية هو أنها ضد الرق. فقد ورد مصطلح (تحرير رقبة) خمس مرات في سور النساء والمائدة والمجادلة، وورد في سورة البقرة (178) مرة واحدة (كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد). إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }آل عمران35 وما عدا ذلك فلا نجد لكلمة الحرية ومشتقاتها أي وجود في التنزيل الحكيم وإذا انتقلنا إلى الحديث النبوي فنجد فيه كلمة العتق وهو معنى مقابل للرق، ولا نجد أي شيء عن الحرية، بل نجد فيه عكس ذلك كحديث حذيفة بن اليمان الذي يقول في آخره (اسمع وأطع الأمير ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك) (مسلم 3435 – )،
وقوله: (اسمعوا وأطيعوا ولو ولّيَ عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة) (البخاري 7142) وقوله (من بدّل دينه فاقتلوه) (البخاري 6411 – )
وقوله (عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرةٍ عليك) (مسلم 1836) وذلك يتعارض عمودياً مع حرية الاختيار
. والأدبيات الإسلامية التراثية وضعت طاعة أولي الأمر مع طاعة الله والرسول.
وأبرزت مفهوماً تاريخياً مشوهاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهكذا نجد أن الجانب المعرفي للحرية مفقود في الأدبيات مما يؤكد أن الحرية كقيمة ضعيفة في الوجدان العربي الإسلامي، هذا إذا كانت موجودة في الأصل. وهذا يؤكد أننا بحاجة إلى إبداع نظري حديث لتأصيل الحرية في هذا الوجدان، لأن الحرية في أدبياتنا التراثية لم ترد إلا بمعناها ضد الرق فقط، ولم تتحدث أبداً عن الحريات الاجتماعية والسياسية وما شابه ذلك. وهو السبب الأول الذي تم فيه ترسيخ مفاهيم الاستبداد ، والمؤسسة الوحيدة التي
وصلتنا سالمة تاريخياً هي مؤسسة الاستبداد وعلى رأسها الاستبداد السياسي (فرعون) يتبعها مؤسسة الاستبداد الديني (هامان)
أما العدالة فلها وضع آخر
فقد ورد الظلم مع مشتقاته في كتاب الله أكثر من ثلاثمائة مرة. والعدل الذي هو ضد الظلم (ويعرف الظلم بأنه وضع الشيء في غير محله) فهو موجود بشدة في الوجدان العربي الإسلامي. وإذا قيل عن إنسان انه عادل منصف أعجبنا ولم نسأل عن القيم الأخرى فيه. حتى عمر بن الخطاب أمير المؤمنين استعمل لفظ الحرية في موقع المساواة والعدالة حين قال عبارته المشهورة في حادثة القبطي مع ابن عمرو بن العاص "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا". قد يقول قائل: انه يذكر الاستعباد والأحرار. أقول: نعم، لكنه لم يكن يعني الرق ونقيضه. كان لايعني العدل في المساواة بين العبد والحر، بل المساواة بين الحر والحر. والدليل أن الرق كان نظاما متبعا أيام عمر، وكان العبد يباع ويشترى ويؤجَّر، ولم يفعل عمر شيئا من اجل إلغائه. ولو كان يعني بعبارته الحرية لفعل شيئاً من اجل الرق، لكنه لم يتدخل. ولكن ما الذي حصل بعدها؟ الذي حصل أننا من اجل العدالة قبلنا بعصا عمر، ومات عمر، وبقيت العصا. لا بل كبرت وغلظت. وصرنا نقرأ عن الرشيد أو المأمون انه كان ينزل متنكراً ليتفقد أحوال الرعية، فنمدحه ونترحّم عليه دون أن نسأل كم من المساجين كان في سجونه. صرنا نمدح الحجاج لأنه نقّط القرآن، وننسى انه كان في سجونه حين مات – بحسب رواية الأصمعي – اكثر من 66 ألف سجين. قبلنا ذلك كله لأن مفهوم العدالة هو المسيطر على رؤوسنا، قبلناه إلى حد أننا اخترعنا مفهوما جديدا هو مفهوم (المستبد العادل)، ومع ذلك كان هناك تجاوز للعدالة. فنحن حين ننظر في الإسلام التاريخي وفي ادبياته الفقهية التطبيقية، نجد أن مفهوم العدالة قد حل محله مفهوم المستبد العادل، وان الحاكم لا يعزل وإن جار أو ظلم. ولا يعزل حتى إن فسق أو أصيب بالجنون، لا يعزل ويحكم مدى الحياة. هكذا تبدو الحرية والعدالة في وعينا الجمعي وفي الكتب التي ما زالت تطبع حتى اليوم ونقبلها. ما زلنا نصفق للحاكم الذي يتنكر وينزل كي يتفقد أحوال الرعية، مع أنه لم يبق الآن ما يدعوه إلى التنكر بوجود مؤسسات مجتمع مدني وأهلي تقوم بهذا الدور.
ننتقل الآن لبيان الأساس النظري لمفهوم الحرية كما ورد في كتاب الله تعالى، وهل من المعقول أن الله سبحانه وتعالى لم يذكر هذه القيمة العظيمة ولم يهتم بها، ثم لنشرح بعده مفهوم الردة لما له من علاقة مباشرة بمفهوم الحرية. ففي كتاب الله مصطلحان: الأول هو العباد والثاني هو العبيد. فما الفرق بين العباد والعبيد؟ لقد ورد المصطلحان في كتاب الله، فهل نحن عباد الله أم عبيد الله؟ هذا هو السؤال. والجواب إن الناس هم عباد وليسوا عبيداً في كتاب الله تعالىلقد جاء المصطلحان من اصل ثلاثي هو "ع، ب، د" وهو من ألفاظ الأضداد في اللسان العربي التي تعني الشيء وضده معاً. وفعل (عَبَد)َ
يعني أطاع كما يعني عصى في الوقت نفسه. أي أن العبادية تعني الطاعة والمعصية. وقد ورد هذا المصطلح بمعنييه في كتاب الله تعالى. فقال تعالى بمعنى الطاعة (إياك نعبد وإياك نستعين) (الفاتحة 5). وقال تعالى بمعنى المعصية (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله...) (الزمر 53). وقال (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) (الزخرف 81). وقال تعالى بمعنى الطاعة والمعصية معاً (نبّئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم) (الحجر 49). وقال (والنخل باسقات لها طلع نضيد، رزقاً للعباد) (ق ،10 11). وقال (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (الذاريات 56). أي ليكونوا عباداً يطيعون ويعصون بملء إرادتهم واختيارهم. وليس كما يقول السادة العلماء أنه خلقهم ليصلوا ويصوموا ويكونوا عبيداً. فالعبودية غير مطلوبة أصلا. والله سبحانه لم يطلب من الناس أن يكونوا عبيداً له في الحياة الدنيا،"لآن ذلك لن يزيد او ينقص فى ملكوت الله>"فهو الغنى وهم الفقراء" ولذا الاوفق للصواب انه خلقهم ليكونوا عباداً، فيهم من يطيع فيصوم ويصلي، وفيهم يعصى فلا يصوم ولا يصلي...... إن حرية الاختيار التي يجسدها مصطلح العبادية هي كلمة الله العليا التي سبقت لأهل الأرض، وقامت عليها حكمة الخلق بالأساس، في قوله تعالى. (ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم...) (يونس 19 وهود 110 وطه 129 وفصّلت 45 والشورى 14).
ولهذا فحين نكره الناس على الإيمان أو نكرههم على الإلحاد تكون كلمة الله هي السفلى. ولهذا أيضا أمر رسول الله صلوات الله عليه بالجهاد من اجل أن تكون كلمة الله هي العليا. ولكن عندما يُكره الناس على الصلاة ولو في المسجد الحرام تصبح كلمة الله هي السفلى. وعندما نُكره النساء على الحجاب كما في أفغانستان أو نكرههن على نزع الحجاب تصبح كلمة الله هي السفلى. القضية إذن قضية "لا إكراه في الدين" وقضية حرية اختيار، لولاها لما بقي معنى ليوم الحساب ولا للثواب والعقاب. وتبين أن الحرية هي غاية الخلق في كتاب اللهننتقل الآن إلى المصطلح الثاني في كتاب الله تعالى وهو العبيد. لقد ورد هذا المصطلح في القرآن خمس مرات. (وأن الله ليس بظلام للعبيد) (آل عمران 182 والأنفال 51 والحج 10). (وما ربك بظلاّم للعبيد) (فصّلت 46). (وما أنا بظلام للعبيد) (ق 29). ونلاحظ أنها وردت كلها في مجال اليوم الآخر. لماذا؟ لأننا في اليوم الآخر عبيد ليس لنا من الأمر شيء. ولأننا في اليوم الآخر عبيد ليس لنا رأي ولا يحق لنا أن نتكلم أصلا. في الحياة الدنيا يؤمن الناس أو يلحدون يطيعون أو يعصون لأنهم عباد، أما في اليوم الآخر فلا وجود لحرية الاختيار، في اليوم الآخر هناك سَوْق. مثل السوق القسري إلى خدمة العلم. فيساق العصاة إلى النار تماماً مثلما يساق الطامعون إلى الجنة. يقول تعالى (وسيعود الذين كفروا إلى جهنم زمرا) (الزمر 71).
وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا) (الزمر 73). ونفهم من هذا كله أن الناس عباد الله في الدنيا وعبيد
الله في اليوم الآخر. كما يتضح لنا بكل جلاء أن مفهوم الحرية في كتاب الله تعالى سبق مفهوم العدالة، بدليل ورود الظلم مقرونا بالعبيد في الآيات الخمس. لماذا؟ لأن العبد المملوك لا يستطيع أن يقيم العدالة، ومن هنا اقترن الظلم بالعبودية. أما العباد الأحرار فلا حاجة لتذكيرهم بالعدالة لأنهم يستطيعون أن يقيموها بأنفسهم باعتبارهم أحرارا. وحين يملك المرء حرية الاختيار ويرتفع عنه سيف الإكراه يصبح قادرا على تحقيق العدالة وصنعها. وهنا أذكر أن لفظ العبد والأمه في كتاب الله لاتعني الرق، والتي هي مفرد عباد، أما مفرد عبيد فهي العبد المملوك كما ورد في قوله تعالى (ضرب الله مثلاًعبداً مملوكاً لايقدر على شيء


د. محمد شحرور بتصرف

الدين والحرية


الدين والحرية
تركي الحمد

«ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين، قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين. قال فاهبط منها فما يكون لك ان تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين. قال أنظرني إلى يوم يبعثون، قال إنك من المنظرين. قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم. ثم لآتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين. قال اخرج منها مذؤوماً مدحوراً لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم اجمعين. ويا آدم اسكن انت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين. وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين. فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين. قالا ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع الى حين، قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تُخرجون» (الأعراف، 11 ـ24).
«واذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس ابى. فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى. ان لك ألا تجوع فيها ولا تعرى. وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى. فوسوس اليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى، فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى. ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى» (طه، 116 ـ 122

لطالما توقفت عند هذه الآيات كثيراً، وآيات القرآن الكريم كلها تستحق التوقف والتأمل، ولكن هذه الآيات بالذات ذات وقع خاص بالنسبة لي. فهي تتحدث عن بداية «التراجيديا» البشرية على هذه الأرض، وما قبل ذلك مما هو في عالم الغيب، ولا يعلمه تماماً إلا عالم الغيب والشهادة. قصة الخلق هنا، وخلق الإنسان تحديداً، ليست مجرد قصة تخبرنا بما جرى في الأزل مما لا نعلم، ولكنها ذات مغاز تتعلق بمعان للوجود البشري، وضعها الخالق في ثنايا القصة من اجل إعمال العقل فيها للوصول الى مثل هذه المعاني، فما خلق الله العقل الا للتدبر والتفكير.
فالله سبحانه وتعالى لا يفعل شيئاً بدون ان يكون لغاية معينة، وحكمة محددة، وليس هناك ما يدخل في باب العبث في هذا المجال: «الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار» (آل عمران، 191). هذا من الأمور المعلومة بالضرورة في الدين، خاصة في دين الإسلام، كل شيء وجد من أجل غاية، وكل شيء خلق من اجل هدف ـ خفياً كان أو ظاهراً ـ ومن هذه المقدمة الضرورية، يكون التأمل في آيات الله، وما تحتويه من قصص وعبر وأمثال، بذات العقل الذي ما فطره الله عبثاً، وبعيداً عن تلك القصص التي يوردها اشخاص وكتب، ليس من الضروري ان تكون متفقة مع روح القصة في القرآن.في قصة خلق الإنسان كما ترويها الآيات السابقة، هناك محطات كثيرة أجد أنه من الواجب التوقف عندها، أو هي تجبرنا على التوقف عندها، من اجل فهم كثير من الأمور التي ما زالت تشكل احاجي ومحل صراعات بين المؤمنين بذات الكتاب وغير المؤمنين، حتى وقتنا الحاضر، بل خصوصاً في وقتنا الحاضر، بينما هي في غاية الوضوح حين تتدبر قصص هذا الكتاب المبين.
المحطة الأولى التي تجبرنا على التوقف عندها، هي هذا «الحوار» بين الفاطر والمفطور، بين الله وابليس عندما رفض الآخير السجود لآدم. لقد أُمر إبليس بصريح العبارة بالسجود، ومن مالك الملك ذاته، ولكنه تمرد على الأمر ورفض الانصياع، عالماً انه يخاطب فاطره وخالقه، فماذا فعل الله وهو الكلي القدرة، الذي فطر إبليس من الأساس؟ بطبيعة الحال كان بإمكان ذي الجلال والإكرام أن يلقي بإبليس في جهنم مباشرة، أو حتى أن يلغيه من الوجود جملة وتفصيلاً، وهو الذي اوجده من العدم ابتداء، ورغم ذلك لم يفعل، ليس هذا فحسب، ولكنه دخل في جدل مع ابليس حول لماذا لم يطع أمره، وهو العالم المحيط بكل شيء، ويعلم تمام العلم لماذا يتمرد ابليس ومنذ الأزل، ورغم ذلك سأله وجادله، وفي النهاية طرده من الملكوت الأعلى، وأنظره حتى يوم يبعثون، أي حتى نهاية الزمان، وابليس مستمر في تمرده ورفضه الطاعة. بل وبعد ذلك يكون في الجنة مع آدم وحواء «قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو»، ويوسوس للزوجين، ويتسبب في طردهما من الجنة، ورغم ذلك يبقى الله مبقياً عليه الى يوم يبعثون. السؤال هنا هو: لماذا؟ لماذا يبقي الله على ابليس، رغم انه هو مصدر الشرور والآثام وكل ما هو مضاد لأوامر الله؟ بطبيعة الحال لا بد ان هنالك حكمة ما، ولكن ما هي هذه الحكمة؟ نحن لا ندعي هنا معرفة بالحكمة الإلهية في كل ذلك، ولكن ذلك لا يعفينا من التأمل ومحاولة معرفة تلك الحكمة، أو الحكم حقيقة، وهذا هو ما نحاول فعله هنا
الحكمة الأولى التي يمكن استنباطها من قصة الخلق هي ان وجود الشر ضروري لمعرفة الخير، وإلا ما كان للخير ان يعرف، فالأشياء تكتسب معانيها من اضدادها، ويضيع المعنى حين يفتقد الضد، بمعنى، ان تعددية الألوان ضرورية لمعرفة هذه الألوان، وإلا ما كان هناك معنى لأحمر أو أصفر أو أبيض أو أسود. بدون تعددية معينة، وبدون وجود تناقضات وأضداد، لا معنى لأي شيء. أين الخير وأين الشر في كل ذلك؟ هذا ما ستفصح عنه قصة الخلق لاحقاً، وحين يطرد آدم وحواء من جنة الخلد، قد يقول قائل أين الجديد في كل ذلك، فهذه مسألة معروفة ولا تحتاج الى فذلكة أو مماحكة لا ضرورة لها. وهذا اعتراض سليم، ونحن لا ندعي هنا بأننا آتون بما لم تأت به الأوائل، ولكن المشكلة انه رغم المعرفة بالحقائق البسيطة والمباشرة والفطرية، إلا أننا في سلوكنا نفعل غير ذلك. يأتي احدهم، فردا كان أو جماعة أو دولة أو غير ذلك، فيعتقد صادقاً، ونحن هنا لا نتحدث عن المزَيفين والمُزيفين، انه يعلم الخير كله، فيعتقد مخلصاً انه يجب ان يسير كل الناس على طريق الخير الذي اهتدى اليه، ولا غبار على ذلك، فما نفع العلم بالخير ان لم يكن عاماً وشاملاً. ولكن المشكلة تكمن حين يأتي هذا الاحد، ويحاول ان يجبر الآخرين على السير في الطريق الذي يعتقد مخلصاً وصادقاً ان لا طريق غيره. انه هنا يعتدي على مغزى الحكمة الإلهية التي نجدها في قصة الخلق بدون ان يدري، معتقداً انه يطيع الرب بعمله هذا. فهو يخالف الحكمة الإلهية عن طريقين. فإن كان على حق تام كما يعتقد مخلصاً، فإنه لم يتعامل مع الآخرين تعامل الرب مع إبليس ذاته. فالرب سبحانه هو الحق ذاته، ورغم ذلك لم يجبر إبليس على فعل السجود، رغم القدرة الكلية على ذلك، بل جادله ثم انظره الى يوم يبعثون. فإذا كان ذات الحق لم يجبر ذات الشر على الكف عن شره، وهو القادر على ذلك، فكيف يسمح المخلوق لنفسه أن يفعل ما لم يفعله الخالق؟هذا من ناحية، أو الطريق الأول، وان كان بحسن نية، في مخالفة الحكمة الإلهية. ومن ناحية اخرى، فحتى لو بررنا لهذا الأحد ما يفعله من اخذ الناس على طريق واحد للخير لا ثاني له، فإنه بفعله هذا يلغي التعددية التي لا يتبين الخير والشر إلا من خلالها، والتي تقف وراء خلق ملاك وانسان وشيطان معاً، لا ملاك وحده أو انسان أو شيطان. ومن هنا يتبين لنا مغزى كلمات الحق وهو يخاطب الملائكة بقوله «اني أعلم ما لا تعلمون»، حين استغربوا ان يخلق الله كائنا فيه شر كثير، وهم المجبولون على الخير التام، فلماذا يكون هناك خلق جديد؟ وللتوضيح، تصوروا مثلا أن أحدهم كان لا يحب إلا زهرة الزنبق مثلاً، وهي زهرة جميلة لا شك في ذلك ـ واعتقد شخصياً انها الأجمل بين كل الزهور ـ وهذا حق من حقوقه ايضاً لا شك في ذلك. ولكن لنتصور ايضاً ان هذا الشخص كان ذا سلطة ما، فأراد حمل الناس على التمتع بأجمل زهرة في الوجود، فمنع زرع كافة الزهور الاخرى، ولم يبق غير الزنابق، فكيف تكون الدنيا في هذه الحالة؟ ستمج النفس زهرة الزنبق ذاتها، وتصبح أبغض الزهور لدى الناس، وتفقد جمالها الذي ما كان بارزاً الا حين كانت بقية الزهور ترفع رؤوسها بجانبها. لقد خلق الله ابليس عابداً من عباده في الملكوت الأعلى، وهو يعلم انه سيتحول الى شيطان بعد المعصية (لاحظ دقة التعبير في القرآن الكريم، حيث لا يرد وصف ابليس بالشيطان إلا بعد حدوث المعصية)، ويعلم انه سيخرج آدم وحواء من الجنة بوسوسته، ولكن كل ذلك كان لحكمة ازلية، فلولا هبوط الزوجين الأولين من الجنة، لما عمرت الأرض، وهي الغاية الأساسية من خلق الإنسان قبل أن يخلق، حيث يقول الخالق: «واذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون» (البقرة، 30).نعم، كل شيء بحساب، ووفق تصور إلهي كامل لهذا الوجود. ولكن، وهنا يثور السؤال، أما كان بإمكان رب الزمان والمكان ان يفعل ما يريد بدون ان يلجأ الى كل هذه الأحداث المعروفة نهايتها بالنسبة له، وهو الذي تكمن ارادته بين الكاف والنون؟ هنا بيت القصيد كما يقولون، والمحطة الثانية التي نتوقف عندها في قصة الخلق. فالله القادر يريد ان يعطي المعنى لعباده من خلال صورة معينة لا تتجلى إلا من خلال أحداث القصة. هذا الإنسان الذي سيفسد ويسفك الدماء ويفعل ما يجوز وما لا يجوز، ورغم ذلك يخلقه الله، ويفضله على بقية خلقه، حتى على الملائكة انفسهم، وهم الذين يسبحون بحمده ويقدسونه، حين أمرهم بالسجود لهذا الكائن الطيني، وهم كائنات النور الخالص. بل وحتى بعد معصية الأكل من الشجرة، والاخراج من الجنة، يبقى الإنسان من أفضل كائنات الرحمن «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً». (الإسراء 70). كما يمكن ان نستدل على ذلك من قصة اخرى هي قصة «هاروت وماروت»، ولكن لهذه موقع آخر ليس محله هنا أو الآن. لماذا يكون ذلك، وعلى أي أساس كان هذا التفضيل، رغم الفساد وسفك الدماء؟ لسبب بسيط وواضح في اعتقادي، هو أن هذا المخلوق الجديد أعطي شيئاً اسمه «الحرية ""
فالملائكة الكرام، في الجانب الأعلى من الوجود، لا يرتكبون ذنباً، وما كان لهم ان يفعلوا، لأن الله جبلهم على هذا الأساس، فهم يفعلون ما يؤمرون بدون زيادة أو نقصان، وبالتالي فهم مسيرون بالكامل، ولا مجال لأي نوع من الاختيار هنا. وفي الجانب الأدنى من الوجود، فإن بقية الكائنات من دواب الأرض، تقودها الغريزة العارية، فهي تفعل ما تمليه عليها غريزتها، بدون أن يكون لها في الأمر خيار. أما الإنسان، فهو قادر على أن يرتقي الى مقام العليين (أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) ، أو ان يهبط الى الدرك الأسفل من البهيمية ( ُأَسْفَلَ سَافِلِينَ) ،
وكل ذلك مرهون بإرادة الفرد من الناس، والارادة هي لب الحرية. فهو من يقوم بالاختيار، ويحاسب على اختياره الحر هذا. أما ان يأتي احدهم ويحاول ان يفرض «الملائكية» أو «البهيمية» على الانسان، فهو في تقديري تجاوز لإرادة الرب الأزلية، التي ارادت الحرية لهذا المخلوق، ومن خلال حريته تنبع مسؤوليته، ويحاسب بعدل بناء على معيار الحرية والمسؤولية هذا.
هذه النقطة تتضح لنا بجلاء من خلال قصة ادم وحواء في الجنة، وهي محطة من محطات قصة الخلق العظيمة

الصراع على فهم القرآن



الصراع على فهم القرآن


لا يكاد أحد يسمع صوت القرآن عاليا في أيامنا هذه – في كثير من بلاد المسلمين - إلا ويجول في خاطره سؤال ، من الذي مات يا ترى وهذا الاعتقاد بات طاغيا ، لا سيما أن الغبار لا ينفض من على المصحف الراقد في بيوتنا إلا لقراءته على ميت أو على من أشرف عليه....!!!وحتى لا أظلم بعض المتعبدين ، أستثني هنا من يعيش في ظل العبودية الحقة لربه جل وعلا ، المتنعم في ربيع ورياض القرآن ، وأجزم أن من تعلق قلبه بكتاب الله إنما يعشش حبه في قلوب الآخرين وغير هولاء يتعاملون مع القرآن الكريم بطرق شتى ، فالبعض اتخذ القرآن طريقاً للكسب وبابا للأرزاق . والبعض الآخر اعتبره وسيلة للعلاج فحسب ، فإذا ضعف بصره ، أو صدع رأسه ، أو آلمته أمعاؤه ، هرول إلى القرآن ليتلو آيات معينة منه حتى ترتفع بسببها هذه الأمراض والأسقام، وأما في غير هذه الحالة فلا يذكر القرآن ... وهنالك مجموعات أخرى لا تفتح القرآن إلا عند الاستخارة أو حين السفر ...
عموما ...أنا أؤمن بكل استفادة من القرآن الكريم ولكني لا أعتقد تحديد الاستفادة منه ضمن هذه المجالات وكثير من المسلمين لا يتلون كتاب الله إلا قراءة سطحية كحروف بلا معنى ، وكلمات بلا مفهوم ،

. أن الكثير من المهتمين بالدراسات القرآنية ، يصب جل اهتمامهم بالقضايا الثانوية المتعلقة بالقرآن الكريم ، كحصر عدد كلماته ، وحروفه ، بل وكل حرف على حدة
فى الوقت الذى يتم فيه السكوت عن الخوض فى القيم العليا مثل الحرية والعدالة
!!
ولا أنفي ألبته أهمية تلك الدراسات لبيان جوانب الإعجاز فيه ، لكنى أرى أن المبالغة فيها وصرف الاهتمام عن جوهر القرآن مشكلة كبيرة يعاني منها المسلمون في أيامنا هذه
....
، فمن هو الذي يملك الحق في فهم القرآن واستنباط الأحكام منه ؟ لم يكن القرآن بعيدا عن الأيادي يوما ما ، وليس هناك من بين نصوصه ما يمنع أحدا من الخوض فيه والتدبر في معانيه . والكثير من آياته تدعو إلى الفهم والعلم والتدبر ولا يحصرها في أناس دون غيرهم

...
.
بقلم : علاء الدين عبد الرزاق جنكو

بتصرف


Sunday, April 27, 2008



خاطرة

يبدو لى ان حركة الحياة البشرية لا تخرج عن السير تبعا لقاعدة اساسية لا تخرج عن غريزة الاثرة والامتلاك والاستحواذ
الشيطان له هيئتان اما منفصل عن النفس البشرية فى كينونة خلقها الله من نار
وكينونة اخرى ملتصقة بالانسان وفى اعماقه متمثلة فى تلك الغريزة
"
الانا الامارة بالسوء" الامرة بحب الامتلاك والاثرة
>>>>
كيف يقبل الانسان غواية الشيطان؟؟
َ""ما نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ""

اخبرنا الله ان ادم وزوجه قبلا مقولة الشيطان طمعا فى ان يكونا ملكين أو ان يكونا من الخالدين ...وما خلقوا
لذلك ...بل الخالق امر الملائكة بالسجود له تكريما عن كل خلقه فكيف يقبل بالمرتبة الادنى وهو عند الله اكبر
واكرم
منزلة
!!
انه الطمع والجشع والامتلاك والاستحواذ والاثرة ...نفس القاعدة سارية الى يوم القيامة

ولا زالت هى سبب الفساد والافساد والاستبداد....
قانون الحياة الابدى مثوارث عبر الاجيال...وفى اعماق كل نفس بشرية تقابلك ""غريزة الانا""تلك هى حقيقتنا المجردة
وهنا يأتى السؤال ...هل هناك ما ينظم هذه الغريزة ؟؟؟


""انى جاعل فى الارض خليفة""
لغويا ...


خليفة معناها ""من يخلف غيره وينوب منابه ويقوم مقامه""


هل نحن خلفاء لله فى الارض؟؟؟
هل من المنطقى ان يكون خليفة العادل مستيدا

وخليفة الكريم شحيحا بخيلا
وخليفة البديع مفسدا

!!!!!


هل من نظام ينظم لنا التدافع فى الارض حتى لا يبغى بعضنا على بعض

Tuesday, March 18, 2008

لا إكـــــراه


لا إكراه
من الطبيعي أن يسعى أصحاب كل دين وفكر لنشر دينهم والتبشير بمعتقدهم ليغطي أكبر مساحة ممكنة من أبناء البشر
فما داموا يعتقدون الصواب فسيكونون مندفعين لدعوة الناس إليه كما أن وفاء وإخلاص كل شخص لمعتقده يجعله متحمسا للدعوة اليه،،،،
ولأن الدين يصبح جزءا هاما من ذاتية الإنسان وشخصيته فأي تقدم أو مكسب للدين يعتبره الإنسان تقدما ومكسبا ذاتيا وشخصيا
ولكن كيف تكون الدعوة ؟
إن الطريق الصحيح والمشروع هو محاولة إقناع الآخرين والتأثير على نفوسهم ، ولكن البعض قد يستخدم القوة والعنف لفرض الذي يؤمن به على الآخرين، وهذا ناتج اما عن الجهل أو - روح التسلط والظلم
فمن يفرض ما يعتقده على الناس بالقوة والقهر إنما يعترف بفشل عقيدته وعجزها عن استقطاب الناس واقناعهم،،،،
أو ان الامر ليس الا ستار وغطاء لمأرب شخصية لعدوانه وتسلطه على الناس،،،،،
وكم عانت البشرية وتحملت المصائب والمآسي في حروب وصراعات دامية تحت شعارات دينية وفكرية،
ففي العصور الوسطى مثلا رزحت الشعوب الأوروبية في ظل القمع والإرهاب باسم الكنيسة حيث سن الملك الفرنسي (شارلمان) قانونا يقضي بإعدام كل من يرفض أن يتنصر، ولما قاد حملته القاسية على السكسونيين والجرمان اعلن ان غايته إنما هي تنصيرهم .
بينما جاء الإسلام وأعلن موقفه الواضح والصريح من حرية الاعتقاد واختيار الدين، وارسى القرآن الحكيم مبدأ الحرية الدينية الفكرية في قوله تعالى: ﴿ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)))
فكيف بالافكار والاراء- التى تفرض فرضا بالحديد والنار ووسائل التعذيب والقمع التي زاولتها دول عدة ... ولم تقصر وسائل القمع والقهر على الذين لم يدخلوا تحت لواء تلك المعتقدات ، بل إنها ظلت تتناول في ضراوة الذين لم يدخلوا في مذهب الدولة-ان كان لها مذهب- وخالفوها في بعض الاعتقاد
جاء الإسلام يعلن - من أول ما يعلن- هذا المبدأ العظيم الكبير: ﴿ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي))
وفي هذا المبدأ يتجلى تكريم الله للإنسان، واحترام إرادته وفكره ومشاعره، وترك أمره لنفسه فيما يختص بالهدى والضلال في الاعتقاد، وتحميله تبعة عمله وحساب نفسه.. وهذه هي أخص خصائص التحرر الإنساني....وان كان هذا الاحترام والتكريم لحرية الانسان فى الدين فمن باب اولى ان تحترم حريته فى غيرها كالسياسة مثلا...الانسان حر ومكرم لذاته ...وبدون خطأ مطبعى... اكرر الانسان حر ومكرم لذاته .


Monday, February 18, 2008

موجة التدين وموجة الفلسفة







تصاحب موجة التدين السائدة اليوم موجة فكرية وفلسفية تعيد النظر في أنماط الفهم والتطبيق السائدة للإسلام والثقافة الإسلامية التي تشكلت بفعل الصحوة الإسلامية، والتي ساهمت في تشكيلها وبلورتها على النحو القائم اليوم اعتبارات الصراع والتنافس مع التيارات الفكرية والأحداث السياسية في المنطقة، وهي اعتبارات لم تعد قائمة أو موجودة، أو تلاشى وضعف تأثيرها، كما أن الصحوة الإسلامية نفسها تشهد تطورا داخليا وانفتاحا على الأفكار والاتجاهات والتطبيقات التي كانت تبدو قبل سنوات عدة محرمة.تقوم فكرة المراجعة الفلسفية والفكرية للصحوة الإسلامية على أساس «الأنسنة» أو التمييز بين النص الديني ومعناه. فإذا كان النص الديني يحتمل معانيَ وقراءات عدة وفق المناهج المتبعة وحدود اللغة وظروف الزمان والمكان والبيئة المحيطة بالإنسان، وهذا ما كان عليه الحال طوال التاريخ الإسلامي، فإن تجدد وتغير فهم النصوص وتطبيقها سيتواصل عبر التطور الإنساني واختلاف المجتمعات والحضارات. فالتأويل الصحيح صحة مطلقة وكاملة لا يعلمه إلا الله، ولكن هل يعلم الراسخون في العلم أيضا تأويله؟ وهل يكون علمهم متطابقا على تعددهم؟ أم أنهم فقط يقولون «آمنا به كل من عند ربنا»؟، فإن كانوا كذلك فما الفرق بين الراسخين في العلم وغيرهم؟بالطبع فإن الراسخين في العلم يعلمون، ولكنهم بعلمهم يحاولون أن يقتربوا من الحقيقة والصواب، والذي لا يمكن لبشر أن يصل إليه أبدا، وهذا هو سر صلاحية القرآن لكل زمان ومكان، وسر الإبداع الإنساني بعامة، لأن الاعتقاد بعدم الصواب، وأن ثمة ما هو أفضل وأكثر صوابا هو ما يدفع الإنسان إلى مواصلة البحث والتفكير والعمل. ولذلك فإن العلم قائم على إدراك الإنسان لما يجهله، وكلما زاد إدراكه لما يجهله ازداد علمه، وربما تكون العبارة الأكثر صحة هي: كلما زاد علم الإنسان زاد جهله، وكأن أعلم الناس أجهلهم. والواقع أني أقتبس هذه الفكرة من «مات ريدلي» أحد علماء الجينوم ومن المشاركين في اكتشاف الخريطة الوراثية التي اعتبرت من أهم الإنجازات العلمية في تاريخ البشرية، وكأننا نتعلم ونقرأ ونبحث لنعرف جهلنا وليس لنعلم، أو كأن العلم هو معرفة الجهل، ولكن الجهل ليس واحدا، فثمة جهل يقود إلى التقدم والاكتشاف والرفاه وزيادة العلم.


يقول ريدلي: «لقد حدث للبيولوجيا في سبعينيات القرن العشرين ما حدث للفيزياء من قبل 50 سنة وهو انهيار اليقين والاستقرار والحتمية ليقوم مكانها عالم من التقلب والتغير وعدم القابلية للتنبؤ. إن الجينوم الذي نفك شفرته في هذا الجيل ليس سوى لقطة واحدة لوثيقة تتغير أبداً، فليس هناك وجود لطبعة نهائية من كتاب الجينوم».واليوم، ونحن نشهد موجة تدين تكاد تشمل العالم كله بجميع أديانه في الوقت الذي تتقدم فيه الأمم والمجتمعات تقدما علميا وتقنيا غير مسبوق في تاريخها، فإننا بحاجة، بل نحن مقدمون على ذلك حتما، إلى صياغة رؤيتنا وأفكارنا الدينية بما ينسجم مع المرحلة العلمية والفلسفية التي وصلنا إليها. وكما نسخر اليوم من الجدالات الفقهية التي كانت تدور حول حرمة أو جواز استخدام الميكروفون في الأذان، وحرمة أو جواز ركوب السيارة، وحرمة أو جواز الاعتقاد بكروية الأرض، فإننا ربما نسخر من أفكار ومقولات تبدو ثوابت دينية. والغريب أن الدعوة لترشيد استخدام الميكروفونات في المساجد لقيت استنكارا وكأنها (الميكروفونات) لم تكن حراما قبل ثمانين سنة.

لا نملك ضمانات للناس الحريصين على الدين والمجتمع والمبادئ عندما ندعو لإطلاق التفكير والسؤال والشك، ولكن الحل ليس في الحجر على السؤال والتفكير، فلم يعطنا الله نعمة العقل لنعطلها.: «لا أعرف مستودعاً آمناً للسلطات المطلقة للمجتمع غير الناس أنفسهم، وإذا كنا نظن أن الناس ليسوا متنورين بما يكفي لممارسة هذه السيطرة بتعقل كامل فإن العلاج لا يكون بأن نسلب منهم هذه السيطرة وإنما يكون العلاج بأن يتعلموا التعقل


إبراهيم غرايبة

بتصرف


».

Thursday, January 31, 2008

الحياة حركة



الحياة حركة لا تتوقف

من سنن الله أن الحياة حركة لا تتوقف، فالتوقف هو الموت، والفرق بين الحي والميت يكمن في الإرادة والفعل الناتج عنها،
والحياة كالماء إذا ركد أَسِن وتغير، وإذا تحرك صفا وطاب،
.وهكذا تفرز قراءة التاريخ فيما يتعلق بحياة الأفراد والأسر والمجتمعات والدول أنها لا تعرف الجمود والمكث الطويل دون تغيير وتفاعل. ولعل هذا جزء من سنة التدافع والمداولة،
يقول الله
-تعالى
-: (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)
[ آل عمران:140] ،
ويقول جل جلاله
: (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ )
[ البقرة :251].
فالتدافع ليس بالضرورة أن يكون حرباً بين فئة وأخرى، بل قد يكون في داخل النفس، أو في داخل المجتمع؛ تقابل وتفاعل وصراع وجدال بين قوى مختلفة، تكون نتيجته شيئاً مختلفاً عما هو واقع، وعما تقتضيه هذه القوة أو تلك، ولكنه مزيج من هذا وذاك.
إن التحديات جزء من تبعة الحياة

ليس صحيحاً أن المحافظة على وضع ما هو الضمانة، وأن التغيير هو المحرك للاضطراب، بل إن التغير سنة ربانية، وما لم يسع إليه الناس بإرادتهم ووعيهم واختيارهم؛ فإنه يقع بسبب إفرازات لأحوال ذاتية منبعثة منهم، أو بسبب متغيرات خارجية قريبة أو بعيدة تفعل فعلها الذي لا يملك الناس إزاءه إلا الاستسلام وتبادل العتب والملام
ولإن التحديات جزء من تبعة الحياة وناموسها الذي لا يتخلف
فى الحياة تقع أحداث يظن البعض أنها حدث معزول وينتهي وأن أسبابه قائمة ومنعقدة ومعقولة. ثم تجرى أحداث
اخرى.
تتحرك بطريقة درامية
تقع تحت السنة الكونية في المتغيرات الذاتية والضغوط الخارجية

فهي إذاً دوامة ليس من السهل أن تتوقف وقد يكون من غير الصواب تفسيرها
(كما نفعل دائما)
بأن ما يجرى فى واقعنا هو نتيجة مؤامرة خارجية محضة.
نعم
هناك توظيف خارجي مكشوف،
لكن سياق الأحداث يجري وفق سنن ربانية محكمة
أن ثمة أحوالاً نعيشها غير عادلة ولا مستقيمة فهي إذاً لا تصلح للبقاء والاستمرار
والأطراف الخارجية تسعى إلى توظيف مشاعر الناس وانفعالاتهم صوب الوجهة التي تخدم مصالحها
لـــذا
من الحكمة أن نسعى إلى قراءة الواقع قراءة صحيحة واعية وأن نضع أيدينا على مكامن الخلل ومواضع الداء ثم
نحاول ان يكون لنا يد فى صناعة المستقبل وسَبْقٌ في تشكيله
والبداية برأى لابد ان تبدأ من اعلاء قيمة الانسان واحترام كرامته و الحياة فى مناخ الحرية ومقاومة الاستبداد
فكرا وعملا
وألا نكتفى بالقول بأن الزمن كفيل بحل مشكلاتنا
ف قد يكون الزمن من أسباب تعقيدها وتحويلها إلى حلقة مفرغة لا نعرف مبدؤها ولا منتهاها
ولا يملك الناس إزاءها حلاً ولا ربطاً.....الزمن أساس في الحل....
ولكن المبادرة لابد ان تتم
أما الاتكاء على أن الأفضل
- بقاء ما كان على ما كان وأن الأمور طيبة فهذا ليس جيداً
ولا صحيحا ولا منطقى...