Saturday, October 4, 2008

ثقافة الحياة








ثقافة الحياة

اكاد اجزم انه ليس بالامكان تصور حدوث تغييرا حقيقيا ودائما ومستقرا فى الواقع المعاش ، قبل تغيير الذات، وكذلك يصعب ان نلحظ تغييرا في الذات ، اذا لم تتغير الثقافة غير الصحيحة التي عشعشت في عقولنا، فتغيير الواقع يبدا من تغيير الذات، والى هذه الحقيقة تشير الآية المباركة {ان الله لا يغير ما بقوم، حتى يغيروا ما بانفسهم} واذا صح ما قيل من ان تبديات الواقع تبنى اولا في عقول البشر، فان اساسات تغيير الواقع، كذلك، تبنى اولا في عقول الناس من خلال التغيير الثقافي اولا، لماذا؟ لأن الواقع انعكاس لما يفكر فيه العقل، وان المصداق الخارجي لأي حدث او حادثة، هو تطبيق عملي لما يدور في خلد الانسان وعقله، والذي يرسمه ويخطط له الثقافة التي تحدد ملامح طريقة التفكير وقبل ذلك وعي الحالة واستيعاب الامور
نحن، اذن، بحاجة اولا الى تغيير الذات والذي يبدا من تغيير الثقافة
فما هي الثقافة التي نحتاجها لحياة قائمة على اساس الحرية والعدل والمساواة ؟
اعتقد اننا بحاجة الى منظومة ثقافية على سلم اولوياتها....ما يمكن ان نسميه - -ب
... ثقافة الحياة...

ترى، كيف يمكن ان نبني اذا غابت ثقافة الحياة وكانت ثقافة الموت التى ورثناها هي الحاكمة في عقول الناس؟ وكيف يمكن ان نغير واقعنا المزري اذا كانت ثقافة الموت هي الآمر الناهي في حياتنا؟
يجب، اذن، ان نغير هذه الثقافة الى ثقافة الحياة، من خلال معرفة ان الله تعالى خلق الانسان ليحيا وليعيش في هذه الحياة وليعمرها على احسن وجه، فهو تعالى لم يخلقه ليموت، ولو كان هدف الخلق الموت، لجاز الانتحار وطلب الموت بارخص الاثمان، بل ان الله تعالى عندما خلق الانسان وفر له كل الادوات واللوازم من اجل ان يحيا احسن حياة وبكامل السعادة، شريطة ان يلتزم بما امره به الله عز وجل، واعتقد انه الى هذا المعنى تشير الآية الكريمة {وألو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماءا غدقا
ولان الله تعالى خلق الانسان ليحيا، لذلك جعل الدنيا مزرعة الاخرة، كما ورد في الحديث الشريف
المهم هو ان نتعلم كيف نعيش ، اما الموت فلسنا بحاجة الى ان نتعلم طريقه وطريقته، فسيأتينا رغما عن انوفنا، انما المهم ان نتعلم كيف نعيش حياتنا وهي الفرصة الوحيدة التي يمنحها الله تعالى عادة لكل واحد منا، فاللحظة التي تمر علينا لا يمكن ان تعوض ابدا أو تعود، والى هذا المعنى اشار قول الشاعر؛
دقات قلب المرء قائلة له
ان الحياة دقائق وثوان

واذا كانت هذه هي حقيقة الحياة، واذا كانت الحياة دقائق وثوان واذا كانت الحياة فرصتنا الوحيدة، واذا كانت الحياة هى الجسر الذى نمر عليه وعبره الى الاخرة، وهي المزرعة التي نزرع فيها
ليوم الحصاد الاكبر، فلماذا لا نستغلها على احسن وجه ونوظف لحظاتها من اجل انجاز اعظم ما نقدر عليه من الاعمال الصالحة؟ ولماذا نسوف في الزمن ونهدر الفرص ونستهلك العمر، الذي
يتشكل من مجموع الثواني، بالقيل والقال والكلام الذي لا يغني ولا يسمن من جوع؟

علينا ان نتعلم كيف نعيش، لنتعلم كيف ننجز اعظم الامور باقصر زمن وباقل التكاليف والتضحيات، لان الحياة فرصة تمر مر السحاب
، ولنتذكر دائما بان الله تعالى سائلنا عن عمرنا فيما صرفناه وكيف وما الذي حققناه في هذه الفرصة الوحيدة،

ولذا علينا ان نزاحم العلماء والفقهاء والمثقفين والمتنورين الذين يعلموننا كيف نحيا بعز وكرامة وانسانية، فنصغ الى نداء الحياة قبل ان نصغ الى نداء الموت، ونستمع الى صرخة البناء قبل ان نصغ الى هراء الهدم
اننا مسؤولون عن الامانة التي قبلنا ان نتحمل مسؤوليتها، طالما كنا في هذه الحياة الدنيا، اما اذا متنا فلسنا مسؤولون عن شئ

ان الله تعالى خلق البشر ليحيا لا ليموت، والا فلماذا خلقه اذن؟ ولماذا بعث له الرسل والانبياء والمناهج والرسالات؟ اوليس من اجل ان يحيا الحياة التي تمناها له ربه عز وجل؟ وهو الذي خلقه خليفة في الارض ليعمرها؟

، كفانا شعارات براقة وكاذبة
ولنتعلم ثقافة الحياة
، ، و نتشبـع بثقافة الحياة
لقد اوصانا الرسول الكريم خيرا عندما قال {ان قامت الساعة وفي يد احدكم الفسيلة فان استطاع ان لا تقوم الساعة حتى يغرسها فليغرسها
...
انه اراد ان يعلمنا حب الحياة حتى آخر لحظة من عمرنا، فبالرغم من ان غرس الفسيلة في آخر لحظة قبل قيام الساعة لا ينفع المرء شيئا في الحياة، وكلنا يعلم بان الفسيلة بحاجة الى مدة لا تقل عن سبع سنوات قبل ان تثمر، الا انها تنفعه في الحياة الاخرى لانها ستشهد له يوم القيامة عند ربها عز وجل كون هذا الانسان الذي غرسها حاول ان يهبها الحياة، بغض النظر عن نجاحه بذلك من عدمه، لكن المهم انه حاول وكان صادقا في محاولته