Saturday, October 3, 2009

جلد الذات







الحمار الحقيقى



كثيرا ما اجد نفسى منحازا الى الحديث عن هذا المخلوق الطيب...ربما لصلة قربى لم انتبه لها فى الماضى...!!! ولاننى هنا ادندن حول مبدأ اللا اكراه

فوجدت انه من الانصاف ان نتحدث

عن العلاقة - الاكراهية – التى يعانى منها والتى نعانى منها ايضا وربما كان ذلك تفسير لصلة القربى بيننا وبين هذا المخلوق الطيب فى جانب من الخصائص

التى يتميز بها !!!

فمن المعروف عن الحمار ان اهم صفة يتحلى بها هى قدرته اللامحدودة على التحمل والجلد والصبر على الاذى ...ورغم عدم استساغة البعض لصوته الجهورى القوى فتبقى فضيلة الصبر من اهم صفاته ومزاياه...ولا يخفى علينا انه بخلاف حيوان" الجمل" وكما هو معروف فى موروثنا الشعبى من انه يضمر الاذى الذى يصيبه من الانسان حتى اذا واتته الفرصة للانتقام لم يتأخر فى القيام به ...نجد الحمار على عكس ذلك فهو عنوان حقيقى لا جدال فيه على التسامح اللا محدود مع كل مسىء له ...ورغم اننا بنى البشر علاقتنا به مبنية على اكراهه على طول الخط .. بينما هو يختار الطاعة كخيار وحيد امامه !!

فماذا يكون حالنا اذا كان خيارنا الدائم هو الانقياد والطاعة !!!!

الامر يستدعى منا القيام بمقارنة او مقاربة عادلة وعابرة وسريعة بين الحمار الصبور المتسامح وانساننا العربى !!؟ لنتبين صلة القربى بيننا وبين الحمار التى اشرت اليها فى بداية هذه السطور...ومن هو اجدر بلقب الصبور واسم الحمار؟؟؟

فاقول وباختصار مراحل عديده من مشوار حياتنا .... فالقادم اشارات عابرة تفرضها عملية المقارنة ...

**

يولد انساننا والبداية قد تكون مطمئنة بعض الشىء ... فالكل فى انتظاره .. يستمع الى الزغاريد و "السبوع" " واسمع كلام امك وما تسمعش كلام ابوك"...

وتمضى بداية طيبة لا يشوبها الا الهرج والمرج ودقات "الهون" حتى يتعود على استحمال الفوضى الصوتية التى سيقابلها فى قادم عمره المديد ...

فى زمن مضى كان الاهل يستخدمون

اربطة ولفائف يلف بها المولود اعتقادا منهم بان ذلك سيقيم صلبه ويمنع عنه مرض الكساح ...بينما الامر فى حقيقته برأى ما هو الا بشارة مبكرة وتعويد على استحمال القيود والموانع التى سوف يلقاها فى مستقبل عمره ... دعنا من تفاصيل كثيرة ... لننتقل الى مرحلة عمرية تالية ربما بدخوله " الكتّــاب" فى الجامع حتى يتسنى له حفظ بعض الايات القرآنية وتحسين خطه

وتهيئته لدخول المدرسة...فان قام الشيخ بضربه بعصاه فيقولون له فى البيت " ان عصا الشيخ من الجنة " فيصبر صاحبنا طمحا فى حسن الخاتمة ...

وفى المدرسة وان واجه من المعلم مثل ما واجه من الشيخ فيكون صاحب تجربة وخبرة فى التحمل والصبر ...وان لاقى فى المدرسة مناهج لا علاقة لها بالحياة تعتمد على التلقين والحفظ...فلا يجد امامه الا الصبر حتى لا يقال عنه انه تلميذ فاشل... يعود للبيت ... لا احد يستمع اليه ولا احد يتحدث معه عن مشاعره وافكاره وطموحاته...يصبر ولا يتأفف ...

فالطاعة ديدنه ...

يصل الى مرحلة المراهقة .. تنطلق بداخله الهرمونات لتفعل فعلها يقابلها بالكبت ويصبر.... يدخل الجامعة وووو و يتخرج ويأتى دور الخدمة الالزامية ...

فيسمع الشتائم والسباب وكسر الارادة والتذنيب حتى ينكسر كبرياءه ويتعلم الطاعة والانقياد ...فيصبر ويصبر وتنتهى مرحلة اخرى ..

يبحث عن وظيفة وعمل ويلاقى فى ذلك

القهر والتوبيخ والاستبداد من رئيسه فيصبر لان " اكل العيش مر" ... لا تفسير لدى لهذه المقولة الرائجة برغم ان العيش حلو ...

يريد ان يتزوج ولا مسكن له ولا قدرة له على تحمل نفقات الزواج ووو ... فيصبر...لاوقت لديه للقراءة والمعرفة...فيصبح المسكين واحدا من امة اقرأ التى لا تقرأ...بل هو كالحمار يحمل اسفارا ...؟

القهر وراءه وامامه فى كل مكان فى البيت و الشارع وفى الوظيفة ...ومع كل ذلك لا زلنا نحترم الحمار على صبره وجلده ولا نقـدّر ونحترم انساننا لصبره اللامحدود ...

روتين حياتنا مبنى على الاكراه والله ينادينا ب اللااكراه ....عجيب امرنا ... يغادر انساننا العربى هذه الدنيا ولا يشيد بهذا المخلوق الصابر المصابر صاحب فضيلة الصبر

بل هو الصبر بعينه وهو لا يعلم انه الحمار الحقيقى ...

الموضوع قابل للاسترسال ولكنها خاطرة سريعة احببت تدوينها لعلى ابنى عليها

نظرية وجودية ....

هههههههههه

شر البلية ما يضحك

ولا حول ولا قوة الا بالله