Monday, December 17, 2007

حتى يغرسها



"إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فاستطاع ألا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها فله بذلك أجر



كم من معنى تستخلصه النفس من الكلمات البسيطة العميقة في آن
أول ما يخطر على البال هو : أن طريق الآخرة هو طريق الدنيا بلا اختلاف ولا افتراق
إنهما ليسا طريقين منفصلين: أحدهما للدنيا والآخر للآخرة
وإنما هو طريق واحد يشمل هذه وتلك، ويربط ما بين هذه وتلك.
ليس هناك طريق للآخرة اسمه العبادة. وطريق للدنيا اسمه العمل
وإنما هو طريق واحد أوله في الدنيا وآخره في الآخرة. وهو طريق لا يفترق فيه العمل عن العبادة ولا العبادة عن العمل. كلاهما شيء واحد . وكلاهما يسير جنباً إلى جنب في هذا الطريق الواحد
يغرسها والقيامة تقوم تساوى
العمل إلى آخر لحظة من لحظات العمر. إلى آخر خطوة من خطوات الحياة
وتوكيد قيمة العمل، وإبرازه والحض عليه، فكرة واضحة شديدة الوضوح . ولكن الذي يلفت النظر هنا ليس تقدير قيمة العمل فحسب، وإنما هو إبرازه على أنه الطريق إلى الآخرة .
كل المعوقات.. كل الميئسات.. كل " المستحيلات ".. كلها لا وزن لها ولا حساب.. ولا تمنع عن العمل.
وبمثل هذه الروح الجبارة تعمر الأرض حقاً وتشيد فيها المدنيات والحضارات

ان أمام الكسالى منا قدوة تنفعهم إذا فتحوا لها بصائرهم وتدبروا معانيها. إن عليهم أن يعملوا دائماً ولا يكلّوا.. يعملوا جهد طاقتهم، وفوق الطاقة ليعوضوا القعود الطويل. يعملوا في كل ميدان من ميادين العمل: في ميدان العلم وميدان الصناعة وميدان التجارة وميدان الاقتصاد وميدان السياسة وميدان الفن وميدان الفكر..
يعملوا ولا يقولوا: ما قيمة العمل؟ وماذا يمكن أن نصل إليه؟
يغرسوا الفسيلة ولو كانت القيامة تقوم اللحظة. فإنما عليهم أن يعملوا، وعلى الله تمام النجاح
استطيع القطع بأن كل الظواهر السلبية مثل التطرف والجهل والإدمان والإهمال .. الخ إنما هي ظواهر صنعتها أيدي البشر وليس للقدر أو للصدفة فيها نصيب، كما إن الاعتدال والعلم والاستقامة والجدية هي ظواهر ايجابية أفرزتها حركة إنسانية جادة تسعى لدفع الحياة نحو التطوير والتحديث المستمر. إذاً فالإنسان ليس مجرد ريشة معلقة في الفضاء تتقاذفها الريح كيف شاءت، إنما هو كائن ذو عقل وإرادة بهما فٌضل على كثير مما خلق الله وبهما أيضا كٌٌلف وبهما استٌخلف في الأرض كي يقودها نحو الأفضل دائما .. العقل للتفكير والتخطيط ،والإرادة لإخراج التفكير والتخطيط إلى حيز التنفيذ والتطبيق، وعلى ذلك فلو تخلى الإنسان عن عقله وإرادته لتخلى وقتئذ عن إنسانيته المكرمة

No comments: