Friday, February 5, 2010

كيف ولماذا ؟








قرأت عن الاسباب التى تساعد فى عملية استمرار واقع الاستبداد فى منطقتنا

العربية كلها ، وحاولت فى تدوينات سابقة الاشارة

الى بعضها...ولكنى الحظ ان هناك عامل مهم ساتناوله هنا ....

الا وهو تحول التيارات السياسية والفكرية الراغبة في التغيير من معركتها مع الدولة الى معركة مع شركائهم فى المجتمع

اصحاب التيارات المعادية لمشروعهم ورؤيتهم السياسية.

وهذا ما هو حاصل للموجة المطالبة بالاصلاح السياسي ، ففى احيان كثيرة تنحرف هذه التيارات عن عملية الضغط على الدولة الى معارك جانبية تخوضها مع المجتمع وبذلك يفقد المطالبون بالاصلاح السياسي الرؤية والقدرة على التأثير في مسيرة التغيير بل انهم ينخرطوا في صراع غير منته مع اطياف سياسية اجتماعية أخرى التي تتحول بالنسبة لهم الى عدو اول...

وهذا بالفعل ما يحصل اليوم ،، ولكى لا نعمم ...فكثير من اهل اليسار يضربون تحت الحزام كل ذى رؤية اسلامية او ليبرالية ،، وكثير من " الاسلاميون"

يمارسون نفس الفعل فيما عداهم من التيارات الاخرى بل يصل الامر الى التكفير والتخوين...

حدث ولا حرج ...؟

ويتجلى هذا بالاعتقاد السائد في ذهنية الناشطين والكتاب والمفكرين من مختلف الأطياف السياسية بأن كلا منهم يعتقد انه يمسك

"بتلابيب" الحقيقة وان ما عداه على باطل . ولذا فقد أجل هؤلاء التصادم مع الدولة وانهمكوا فى عملية الاقصاء والحجر على

على حرية الاخرين شركائهم فى الحراك السياسى .

ويبدو انهم تناسوا ان مصلحة اى نظام استبدادي هو ان تنخرط التيارات السياسية في معركة طويلة الأمد وغير معروفة النتائج مع بعضها البعض حول هوية المجتمع وليس هوية الدولة ، فالصراع على المجتمع ومع المجتمع يزيح الضغط السياسي عن الدولة ويعفيها من مسؤوليتها تجاه الاصلاح السياسي خلف شعارات الحفاظ على السلام الداخلي واستبعاد الفتنة واستفزاز المجتمع المنقسم على ذاته. فيؤجل الحكم الاستبدادي التعاطي مع دعوات التغيير بينما المجتمع ينخرط في معارك جانبية تنهكه وتنخر قواه وتبعده عن المعركة السياسية الحقيقية مع النظام ولنا في ذلك أمثلة كثيرة ومتعددة. ...

فالعدو في معركتهم هو الآخر المجتمعي وليس مصدر التغييرات الاجتماعية والاعلامية، بل منهم من يعتقد ان الدولة قادرة على حماية فضيلة المجتمع من آخرين يجرونه الى الرذيلة !!!

وتحولت معركة هؤلاء الى معركة مع المجتمع وليس الحكم. فهم يدركون ويفهمون احتكار السلطة وسرية القرار وتفشي الفساد في أعلى الهرم السياسي ولكنهم يحولون بوصلتهم واهتمامهم الى الاخر المجتمعى ،،فنقرأعلى ما يسمونه فساد المجتمع و دعاة التغريب وايتام الامريكان وبواقى البعث والناصرية ودعاة التطبيع وووووووو....كل حسب مصطلحاتهم وتصنيفاتهم للمجتمع واذا

انتصروا على الشريحة الأخرى في المجتمع وليس النظام.

يعتبرون ذلك نصراً عظيماً ومكسباً يفوق كل المكاسب

وفي المقابل ينتظر الآخرون فرصة ذهبية ينتصرون فيها في المستقبل على خصمهم

لكى يرفعوا رايات التغيير القادم الذي سيطيح بهامات التشدد والرقابة والحجر على الحريات. ولكنهم يفاجأون بعد فترة ان التغيير الحقيقي لا يحصل نتيجة لعبة شطرنج على ارضية " أهل الحكم " التى لا تأبه بالتغيير بل همه الأول والأخير ابعاد اصوات التغيير التي تطاله وتناقش دوره هو. وكلما انخرط المجتمع بأطيافه المتناحرة والمتصارعة في المعارك الجانبية كلما استتب الأمر للاستبداد الذي يبعد نفسه عن المعركة بل يصور نفسه حامياً لفئة ضد الأخرى.

وينطبق هذا المبدأ على حراك الأقليات حيث هي ايضاً تحولت من معركة اكتساب الحقوق من الدولة الى معارك جانبية مع المجتمع ذاته بل هي قد تكون مقتنعة ان النظام واستبداده افضل من استبداد المجتمع وخاصة الفئات التي تدينه بسبب عقائده وطقوسه.

عندما يصل الجميع الى هذه القناعة يكون الاستبداد قد انتصر فعلاً وحقق هدفه الأول وهو ديمومة مفهوم المركز كحام للأطراف المختلفة والمتناحرة وليس كمصدر لانتهاك الحقوق وتهميش المجتمع وابعاده عن صناعة القرار.

انخراط الجميع في حرب مع المجتمع هو هدف السلطة الاستبدادية التي قد تسمح ببعض الحريات وخاصة تلك التي تجعل هذه المعارك الجانبية تخرج الى العلن تماماً كما يحصل حالياً حيث ان الدولة لا تتدخل في سير المعركة العلنية، بل تصب هذه المعركة في مصلحتها لأنها عملية الهاء للشرائح الفكرية عن الشأن السياسي العام الذي يطالها ويطال سياساتها العامة. فالبيت المنقسم على ذاته المتصارع داخل جدرانه أفضل بكثير من جبهة صلبة متماسكة ومتفقة على الخطوط السياسية العريضة.

لقد تحول المجتمع الى مجتمع ضعيف انهكته الصراعات الداخلية والمعارك الصغيرة مع بعضه البعض لدرجة انه فقد قدرته على تصور مستقبله بعيداً عن استقطاب السلطة وهيمنتها. وبذلك يكون قد استقال من مسؤوليته تجاه الأجيال القادمة وسلم أمره للاستبداد الذي يأتي من فوق ويستغل حالة التشرذم التي تتفشى في طياته ويبقى يترقب من المركز ان يحميه من الآخر المعادي المتربص به. ويبقى هاجس الخوف من الآخر في المجتمع هاجسا يتأصل في النفوس لدرجة استبعاد أي مشروع جماعي يقوي الجبهة الداخلية على حساب السلطة الاستبدادية. ويصبح هذا الهاجس حالة نفسية مرضية فرضتها السلطة ذاتها لاستبعاد أي مشروع يجمع بين اطياف مختلفة ومتباينة في توجهاتها


لا تريد سلطة الاستبداد ان يتحول المجتمع بتياراته المختلفة الى جبهة موحدة صعبة التفكيك وطالما ظل هذا المجتمع منشغلاً بحروبه ومعاركه الصغيرة لطالما ظلت السلطة بعيدة عن الضغط الذي يضطرها ان تتجاوب معه ومع مطالبه.

وبذلك يكون الاستبداد قد انتصر على مجتمع انهكته المعارك الجانبية وشغلته القضايا الهامشية



8 comments:

Anonymous said...

حاله الصراع والتشرذم كما تسميها تؤدي ايضا الى فقدان المصداقيه بين تلك التيارات والمجتمع مما يصنه فجوه كبيره بين الحركات السياسيه والمجتمع الفعلي

كما يعطي انطباعا انه ليس في الامكان ابدع مما كان

تحياتي لمقالك القيم

Tears said...

الحكومة و عملائها هم من يقوموا بتغذية تلك الانقسامات

و هذا ما حدث لتفجير عدة أحزاب من الداخل



تحياتى

ماجد العياطي said...

هذا الكلام سمعته في القرءان

فاستخف قومه فاطاعوه
صدق الله العظيم

انظر نزلت تلك الايه في فرعون ويبدوا ان هذه السياسه متبعه منذ ذلك الزمن وهذا مالانريده لابد ان تنتبه الاحزاب الى هذا وتصنع شئ او تنجز شئ فهذا لابد منه قبل ان يفوت الاوان

sal said...

فتاة الصعيد
معاك حق
فقدت المصداقية وزادت حيرة المواطن
وفى الاخر يقولك
اهو اللى تعرفه احسن من اللى متعرفوش
خلينا زى مااحنا
وتستمر الدائرة المفرغة
احييك

sal said...

تيييرز
فعلا
الحكومة و عملائها هم من يقوموا بتغذية تلك الانقسامات
لكن هناك ايضا مأرب شخصية
لدى تيار الاصلاح
مما يمهد الطريق لاولئك
....
مش عايز اقول الفظ وحشة
ههههه
تحياتى

sal said...

ماجد
اتفق معك فيما اشرت اليه
وفى نفس الوقت لا استتنى ذوى المرجعية الاسلامية ففى هذا الامر كلنا ملامون ومسؤلون عن هذا الشتات فى هذه الضروف
وكثيرون منا يضيعوا جهد كبير فى التهجم حتى على من يخالفوا مذهبهم وهم فى نفس الخندق...الا ترى الاقصاء والالغاء الذى يقوم به اهل القران فيما بينهم من سنة وشيعة وسلفيون ومتصوفة وووو
مجتمعاتنا فاقدة لروح التسامح
رافضة لمنهج اللين والرفق وكثيرون هم الذين يستخدمون كيبورداتهم فى شن الغزوات والجهاد الانترنتى
واهل اليسار لا يقبلون اى رؤى تختلف عما يعتقدون وهكذا انها ثقافة الاستبداد والشمولية التى توارثناها
منذ قرون ولا دخل لاسلامنا الجميل فيما نحن عليه ولكنها فهوماتنا المغلوطة
عذرا انا "سرحت شوية" يا صديقى

اطمح فى حسن تواصلك
تقبل تقديرى

خواطر شابة said...

معك كل الحق كنت اقرأ وارى واقعنا يتشكل امامي فعلا الانظمة انتهجت سياسة فرق تسد لترتاح وتركت الجميع منخرط في صراعات جانبية الهته عن جوهر نضاله لممحاربة الاستبداد والاستئتار بالسلطة فمتى تستفيق هذه النخب وتوقف هذه الحروب الجانبية وتركوز في هدفها الاسمى هذا هو السؤال

sal said...

خواطر شابة
يارب يبطلوا خناقات
وتخبيط فى بعض ويوجهوا كل طاقاتهم
ويركزوا ع المهم
ذلك ما اتمناه
تحياتى