Sunday, August 24, 2008

كليلة ودمنة


دار حديثنا انا وصديقى "الفكرة الفائقة" عن عالم القرود فى تدوينة سابقة...وتذكرت الاية""
َوإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً"""
بعد يومين وجدت السطور التالية وقد احتفظت بها لدى منذ فترة... ولآنى احترم الحمير ....
واحرص قدر جهدى على ان لا اجعلها تغضب منى فقررت ان اواسيها بهذه التدوينة!!!

كليلة ودمنة


قال دمنة :
لست أدري متى ستُريحني من عجائبك التي ما فتئتَ تُزعجني بها ، وأنت العاقل الأريب ! وها أنت تقول وتُـلِّح بأنَّ الحمار
قد يكون أوعى من البشر ، أو بعض البشر
كليلة :
نعم اقول ذلك ، وانى أراك تحفظ وتُكثر من الكلام والشعر ، ولكن بلا فهم ولا بصيرة ، وأيُّ شيءٍ ينفعك الحفظ إذا لم تعلم ما تقول ! ، والا لما قُلتَ في الحمار ما قلت ، ولعلمتَ مِن ثَمَّ أن الشعر الذي ترويه ذما وطعنا فى الحمار، وطِرتَ به يمنةً ويسرةً لم تقله العربُ في الحمار الذي يمشي على أربع ، ولكنه قيل فى رجل من بني البشر اسمه حمار !
وسأحدثك حديثا ليس بالكذب ولا بالخيال ، عن جدلية الوعي والاستحمار ، وكيف أنهما يتنقلان بين خلق الله بحسب الأحوال ، فقد يأخذُ الحمارُ مكان الإنس ، كما يأخذ الإنسُ مكان الحمار من غير أن يتشرفَ الحمارُ بذلك

دمنة :
وكيف كان ذلك ؟

كليلة :
زعموا أنَّ الحمار قال لصاحبه : أرجوك لا تستحمرني ... فأجاب الرجل بتعجب : ولكنك حمار ! وأنا عندما أستحمرك لا أزيد عن اشتقاق فعل من اسمك الحقيقي !
قال الحمار : إنَّ كوني حماراً شيءٌ ، وكونك تستحمرني شيءٌ آخر ، وأنا لا أتبرأ من حُموريتي ، فهكذا خُلقت ، ولذلك وُجدت وبه أفخر ، ولكني أطلب من جنابك ألا تستحمرني ، يعني ألا تتجاوز باستخدامك لي حدَّ حموريتي ، فلا تهزأ بي ، ولا تستضعفني ، ولا تُنكل بي ، فإن فعلت ذلك فإياك والوقوف خلفي ، لأني حمارٌ مطيع ما دمتَ حماراً بطبع تكويني ، وبفعل نفسي ، فإن أردتَ استحماري وحملي على خلاف طبيعتي ، فإنَّ لي قدمين يفلقان الصخر .

وفي منطقة اسمها شرق المتوسط ، قال الحاكم لشعبه : أُريد استحمارك
فقال الشعب بتعجب : وتسأل يا سيدي ؟! إننا رعيتك ، فافعل بنا ما تشاء .
قال الحاكم بلهفة - فهو لم يكن يتوقع هذا التجاوب السريع ، :
ولكن أتعرفون معنى استحمار
ردَّ الشعب :
ونعرف إعرابها وتصريفها واشتقاقها ، وما عيبُ الحمير يا مولانا ؟! أليست من خلق الله تبارك وتعالى ؟ يا ليتَ... أنَّا لنا صبرها وَجَـلَدَها وجِـلدها . مع أننا يا سيدي لا نوافق الحمير على كل أخلاقها ، فنحن نرفض النهيق كي لا نزعجك . ونشتت افكارك الملهمة ، كما اننا نرفض ، وبشدة ، الرفس لأنه عنف لا يليق بنا !

دمنة:....؟؟؟!!!!( فى حالة ذهول)...

كليلة :
هل سمعت بأغرب من هذا ؟ لا أظنك
الم اقل لك قد يأخذُ الحمارُ مكان الإنس ، كما يأخذ الإنسُ مكان الحمار من غير أن يتشرفَ الحمارُ بذلك

السلام عليك وعلى الحمار

Wednesday, August 20, 2008

طب بديـل












طب بديـل


يجفف ورق البردقوش ويطحن جيدا ... ينقع فى زيت الزيتون
تناول مقدار ملعقة كبيرة من الخليط 3 مرات يوميا ولمدة اسبوع واحد...
سوف تلاحظ تحسنا كبيرا فى مقدار الجرأة والشجاعة التى تمتلكها ...
عند ذلك واصل تناول الوصفة ولكن بشكل " تناقصى"

فى الاسبوع الثانى مرتان فى اليوم وفى الاسبوع الثالت مرة واحدة فى اليوم....
احذر من عدم الالتزام بالمقادير..

والا ستجد نفسك وصلت الى حالة تسمى التهور ربما تفضى بك الى السجن !!!!

2

اذا آنست فى نفسك القدرة على الكلام ومن قبله القدرة على التفكير !!!
فما عليك الا اللجوء للخلطة السحرية ، المكونة من 99 حبة من الحلبة ومثلها من "اللبان المر"
تنقع فى 100مل من بول الابل...

يلاحظ التحسن من اليوم التالى....
ايّــاك ان تفرط فى تعاطى هذه الوصفة،،،،
فالتفكير والكلام من آفات
هذا الزمان والنتيجة المحتومة والمجربة لافراطك
هى الدخول فى مرحلة من مراحل الجنون والعياذ بالله !!!


3

هناك وصفة ثبت انها الشافية من اوهام
الحالمين بالعيش بحرّية وكرامة ..
احرص على تناول الدجاج المشوى المتبل بكميات وفيرة من الزعتر الجبلى
فالدجاج وما به من هرمونات الاعلاف والزعتر يهدىء الاعصاب،،
،،،،،،
سوف تشعر بتحسن كبير وبواقعيةهادئة
ونوم العوافى يا حضرة المحترم !!!

4

نصيحة لوجه الله

هناك الكثير من المتطفلين على مهنة الطب البديل وطب الاعشاب ،
يقدمون
وصفات غير صحيحة نحذرك منها...
على سبيل المثال ، ما يشاع عن فوائد " الفجل" فى دعم وتعزيز الفحولــــة
لدى الرجال....
فقد ثبت لدينا انها وصفة غير مؤكدة وغير صحيحة لا تخلف
وراءها الا الغازات ....
..التى ربما تكون سامة لك ولمن حولك
..

*******

.اذا لم تفلح معك وصفاتنا راسلنى على ايميلى
او اتصل على مركز الهاشمى
لطب الاعشاب
الذى بشر المشاهدين على قناته الحقيقة انه اكتشف خلطة من
الاعشاب تشفى من مرض الايدز وبجرعة
واحدة .....""ههههههههههههههه

عزيزى القارىء انسحب من الحياة اليومية وتبعاتها
وعش فى العالم
الافتراضى ""الحقيقى"" الانترنت
.

Tuesday, August 12, 2008

نحن والتاريخ



تجربة القرود






وضع أحدُ الباحثين خمسة قرود في قفص، وعلَّق في سقفه قطفاً من الموز، وتحته وضع سلماً



قرود وموز ؟
!!!!
النتيجة سيحاول القرود الحصول على الموز
صعد واحد منهم إلى الموز ، وما أن وصل إليه حتى بدأ الباحث يرش على الجميع ماء بارداً ،
وحاول آخر فتكرر سقوط الماء البارد على الجميع ، فصار إذا أراد أحدهم الصعود منعه الجميع ،
فإن أصر تناولوه بالضرب ، فكان أن امتنعوا جميعاً عن محاولة الوصول إلى الموز ؟؟؟

أخرج صاحبنا الباحث أحد القرود ، وأدخل مكانه آخر ـ ولنطلق عليه اسم سعدان ـ لا يدري عن الموضوع شيئاً ، ولأن القرد يبقى قرداً ، ولأن الطبق المفضل للقرد هو الموز ، فما إن رأى هذا الغشيم قطف الموز ، حتى همَّ بالصعود إليه ، فقال له البقية إلى أين ويحك ؟ وأوسعوه ضرباً ، فلم يعد المسكين إليها وهو لا يعرف لماذا ، لأن صاحب التجربة لم يعد يرش الماء على القرود ! ثم بدل الباحث قرداً آخر ، وحاول كما حاول من قبله أن يصل إلى قطف الموز فضربوه ، والملحوظة المهمة هنا أن القرد البديل الأول الـذي سميناه سعدان شارك بالضرب وهو لا يعرف لم ضُرِب ولم ضَرَب ! وهكذا تم تبديل كل القرود وجيء بقرود جدد لا يعرفون عن العقوبة بالماء البارد شيئاً ، فلم يحاول أي منهم أن يصعد إلى قطف الموز ، وكانوا يضربون كل جديد يحاول ذلك مع أن أحداً منهم لا يعرف عن أصل الحكاية شيئاً
!!

... كم من القضايا التاريخية تلقيناها كما هي ولم نحاول يوماً أن نراجعها، ومن حاول كان مصيره الضرب والقمع ؟! مع أننا لا نعرف لم وكيف، تـقبلناها كما هي وساهمت في تكويننا، وأصبحت جزءاً من ثـقافتنا، وجزءاً من شخصيتنا. و هي قضايا تناقلها اللاحقُ عن السابق، والخلفُ عن السلف، ولم يكلف أحد نفسه أن يقوم بمراجعة لها. وأوضح مثال على ذلك مسألة الاستبداد ! فكم من الباحثين فضلاً عن عوام الناس يستغرب إذا علم أن تاريخنا هو تاريخ خضوع الإنسان، وليس هذا فحسب بل وباسم الإسلام أيضاً ! و من أعجب العجب أننا نروي قصص عدول الحاكم عن الظلم بفخر للتـدليل على عدل ورحمة ولي الأمر !! نستـغـرب أنَّ هذا الاستبداد لا زال يفعل فعله في حياتنا،
وأنَّ حياتنا بما فيها من نفاق ما هي إلا صناعة هذا التاريخ الممتد، وأننا لا يمكن أن نتغير وننهض ما دمنا على هذه الأخلاق

.. لماذا تضربني يا سعدان ؟؟
!!!
ابراهيم العسعس "بتصرف

Wednesday, July 30, 2008

sms



sms


رسائل قصيرة



***

أن أحد أهم الصفات الطبيعية للايمان أنه يتغير / ينمو / يتطور / ينضج / سواء علي مستوي الفرد أو المجتمع ــ بالتالي فأن محاولة إصباغ الإيمان بصبغة الثبات والجمود تعيق تفعيل دوره المأمول



***


ــ أن إعلان جماعة ما احتكار الإيمان والحقيقة المطلقة _ ثم اعلان طائفة داخل هذه الجماعة احتكارها لصورة من صوره
هي أحد أهم أسباب هشاشة أي نسيج مجتمعي ــ فالايمان حرية ــ ويقاس ايمان الفرد بما يتيحه للمؤمن الآخر من حرية اعتقاد وحرية تعبير عن معتقده



***

ــ أن ثقافة الوصاية التي يمارسها السلاطين وفقهائهم سواء من خلال تنفيذ احكام الله من وجهة نظرهم أو توقيع عقوبات علي مخالفيهم ــ أحد أهم أسباب انتشار ثقافة الخنوع والخضوع



***
ــ أن الإيمان والدين في تاريخ النشأة كانا شكلاً من أشكال الاحتجاج الايجابي علي الواقع من خلال تقديم رؤية مستقبلية تدفع بالانسان والمجتمع الي الأمام _ ولآن الدين مكون هام وكبير فى ثقافتنا - ولكي يستعيد الايمان والدين قدرتهما علي التغيير والاصلاح والتقدم لابد أن يكون لهما دائما وباستمرار رؤية مستقبلية تتفاعل مع الواقع ومتغيراته- وأن يتم التعامل مع الماضي من باب المعرفة وليس من باب الاتباع _ علينا أن نحترم تراثنا لا أن نقدسه، أن الذين أنتجوا التراث كانوا رجالاً ولكل عصر رجاله ومن هنا تبرز أهمية وضرورة أن يكون هناك

دائماً وباستمرار مرجعية معاصرة تتفاعل مع العصر (زماناً ومكاناً



***

ــ أن النص المقدس ثابت أما فهمه فهو متغير ويجب أن يكون متغيراً وباستمرار حتي يستطيع النص إدارة حركة المجتمع ويدفعه دائماً الي المزيد من التقدم ــ أنه لا يوجد تناقض بين النص المقدس من جهة والعقل والحقيقة من جهة أخري ــ ولذلك يجب رفض القول بأن هناك نصوصا غير قابلة للفهم ــ ففهم النص المقدس عمل بشري / تاريخي / نسبي / مرحلي



***
ــ التأكيد علي أن هناك فرقا كبيرا ونوعيا بين السلفية والأصالة ــ فالمصطلح الأول سلبي عقيم وهو يعني اتباع خطي السلف
بغض النظر عن متغيرات الزمان والمكان ــ اما الثاني فهو ايجابي مثمر فهو كالشجرة العتيقة ذات الجذور العميقة التي مازالت تعطي ثماراً
حتي يومنا هذا لكونها تتفاعل مع زمانها ومكانها



***
ــ أن انتشار ثقافة التواكل والاتكال علي الله ــ وأن الله هو المسئول علي كل أفعالنا حتي الشرير منها ــ أضعف قيمة تحمل المسئولية في مجتمعاتنا ــ ولذلك لكي يستعيد الإيمان والدين قدرتهما علي دفع المجتمع الي التقدم والمنافسة لابد من التأكيد علي أن عمل الدنيا هو أساس جزاء الآخرة والعمل الصالح أحد أهم أركان الإيمان بغض النظر عن صبغة الأخير



***
ــ أن استعذاب البعض للخنوع والخضوع شكل من أشكال العبودية تلك القيمة السلبية التي جاء الإيمان والدين ليخلص الانسان منها ــ أن هذه القيم السلبية ليست قيم فطرية في الشعوب العربية بل هي صفات مكتسبة أفرزتها ثقافة الاستبداد بصورها المختلفة



***
ــ أن الخوف من الاختلاف مخافة الانشقاق والفرقة ــ والمبالغة والتأكيد علي اتفاق الأمة رغم تنوعها الثقافي هو تكريس لفكرة الدولة الانصهارية ــ الذى كرس ثقافة الطاعة العمياء لولي الأمر (السياسي والديني)

***
لا اكراه
ــ أن الإيمان هو الحرية ــ وأن قيمة الاختيار عند الله من أسمي القيم ويسعده ممارسة الانسان لها بغض النظر عن نوعه واتجاهه ــ وبالتالي فلكي يستعيد الإيمان والدين قدرتهما علي التغيير الايجابي عليهما الإعلاء من ثقافة الاختيار من خلال الحث علي تفعيل العقل والموضوعية، إيماناً بأن كل انسان مشروع مستقل بذاته. أن إعلاء ثقافة الاختيار سوف تفرز الاختلاف والتنوع الخلاق وهي أحد أهم القيم التي اعتمدت عليها الدول التي تقدمت وتقود الحضارة الانسانية الآن

Sunday, July 27, 2008

مغلق للصيانة !!!!!



مغلق للصيانة

!!!!!


واقعنا مغلق ...والاسباب متعددة... وربما تكون هذه محاولة للتعرف على تلك الاسباب وصولا الى امنية تدور فى عقلى مفادها ان الامر ليس هينا
ولكن الاصلاح ممكن وان الاغلاق للصيانة فقط ...

والحديث هنا عن التعصب


فالعلم و التاريخ وحقائق الواقع في مختلف بقاع الأرض كلها تشهد بوضوح تام بأن المجتمع المكبَّل بالتعصب مجتمع مريض..... وهو ضحية ظروف وأوضاع تاريخية وثقافية وسياسية فهو لا يتعمَّد التعصب بل لا يعرف أنه متعصب ولا يعترف بأنه مغلول بهذا القيد الثقيل وإنما يتوهم أنه الأشد حرصاً على الحقيقة والأكثر امتلاكاً لها بل المالك الوحيد للحقيقة الناصعة المطلقة ؟؟؟؟؟

إن التعصب كارثة على أهله قبل أن يكون عدواناً على غيرهم وهو انغلاق للعقل وانطماس للبصيرة وحجر على الذات ولكنه ليس اختياراً يختاره الفرد أو المجتمع وإنما ينشأ الناس في بيئة تقوم على التعصب لعرق أو قومية أو مذهب أو طائفة فيتربون عليه (ويتبرمجون به) ويصبحون أسرى له ، فبالتنشئة يمتزج التعصب في نفوس الأفراد وينغرس في أعماق وجدانهم تتشرَّبه عقولهم وتتشكّل به طبيعتهم فيصيرون معجونين به : فكراً وعواطف وقيماً وأخلاقاً فلا يخطر على بالهم التساؤل حوله ولا التشكُّك به فهو في نظرهم قمة الكمال فالحماس له هو ذروة الصدق والصفاء والإخلاص فيستميتون في الدعوة إليه والدفاع عنه لأنهم لا يدركون طبيعته
فهم مندمجون فيه وليس بينهم وبينه أية مسافة ليتاح لهم إمعان النظر فيه بتجرد والحكم عليه حكماً موضوعياً
ولا يمكن لأهل التعصب الانفكاك منه لأنهم لن يسعوا لهذا الانفكاك فهم راضون عنه ومغتبطون به فيستحيل عليهم التخلص منه إلا بمؤثر طارئ قوي جارف من خارج النسق ينتزعهم انتزاعاً من قواقع التعصب ويخرج بهم إلى فضاءات الانفتاح وآفاق التسامح

المعضلة انه إذا كان المرضى يسعون لطلب العلاج فإن مرضى التعصب سواء على مستوى الأفراد أو المجتمعات لا يعترفون بمرضهم بل يتوهمون أنهم الأكثر عافية فهم يسعون لضم الآخرين إليهم أما أن يسعوا للتخلص من كارثة التعصب فهو محال لأن المتعصبين لا يدركون تعصبهم ولا يعترفون به بل يرون أنهم على الحق المبين وأن غيرهم في الضلال البواح
..
النقطة الأخرى المهمة التي يجب التأكيد عليها فهي إبراز أن التعصب هو الأصل في كل الثقافات أما الانفتاح والتسامح والاعتراف بحق الاختلاف وإدراك نسبية الفهم البشري للحقائق فكلها إنجازات إنسانية طارئة لم تتوصل إليها البشرية إلا بعد قرون متطاولة من الغرق في الصراعات القومية والحروب الدينية والعرقية والطائفية والمذهبية والإثنية

إن التعليم الحديث لا يكون مجدياً فى الشفاء من داء التعصب ما لم يسبقه ويصاحبه التفكير النقدي الذي يؤدي إلى الخروج من متاريس التعصب والانتقال من ظلمة الانغلاق إلى ضياء الانفتاح ومن ضيق التعصب إلى سعة التسامح ومن ثقافة الإخضاع إلى ثقافة الإقناع فلا جدوى من التعليم إلا بحرية النقاش والاعتراف بحق الاختلاف وقبول النقد بل والترحيب به والحث عليه بوصفه مفتاح طاقات العقل وبه تتعرى الأخطاء وتبرز الإيجابيات وتتقلص السلبيات


فلا يمكن لأي مجتمع أن يخرج من أنفاق التخلف المظلمة ويتجاوز خطوط الدوران العقيمة إلا إذا هو أفلت من أسر التعصب وأطلق طاقات العقل واكتسب مهارات الفكر والفعل وأدار أموره بوعي وأمانة وشفافية ووضوح وتكامل وفاعلية..

إن التعصب ليس طارئاً على الحياة البشرية بل هو الأصل في كل الثقافات وعند جميع الأفراد والجماعات والفئات والأمم فهو الذي حال دون التقارب الإنساني وهو الذي أوقف إزدهار الحضارة آلاف السنين وارتهنها ضمن مسارات ثابتة لا تتجاوزها إنه العائق الأكبر لانطلاق العقل واتساع العلم وتقدم الحضارة أما تجاوز هذا الأصل فهو انتقال استثنائي هائل إنه وثبة مدوية تؤدي إلى تغير ثقافي نوعي لذلك لا يتحقق هذا التجاوز على مستوى الأمة إلا بقفزة ثقافية هائلة تتغير بها الرؤية العامة للأمة وتتبدل مكانة الفرد ومنظومة القيم وعلاقات السلطة وطريقة التفكير وأسلوب الحياة ونمط التعامل وتركيبة المجتمع ومكونات الثقافة
ليس محالاً
الشفاء من داء التعصب وذلك( وباختصار) بفتح ابواب النقد والنقاش والتساؤل والانتقال من ثقافة التعصب الى ثقافة التسامح ومن ثقافة الاخضاع الى ثقافة الاقناع

....
ونختم بالعودة الى اسم هذه المدونة؟؟؟ .....
لااكراه ،،،،

Tuesday, June 10, 2008

ثقافة الصمت



ثقافة الصمت


مشكلة تاريخية مستعصية

انها اشكالية مزمنة ليس في حاضرنا، بل هي مشكلة مستعصية في تاريخنا بحيث انتجت حالات الصمت ثقافة خفية باستطاعة المرء كشفها، خصوصا وان تلك " الثقافة " كرسّت نهج الاستلاب للمواقف والمنتجات والخطاب وكل معاني الذات..
الصمت غدا بحد ذاته ثقافة يألفها الناس ليس في الازمان العصيبة فحسب، بل حتى في الايام العادية. الصمت قد يغدو فلسفة وقد يصبح سياسة، او قد يكون ضرورة، او يجمعها كلها في " ثقافة " مميزة واضحة يرتع اصحابها بالخوف وتلجم افواههم بالاقفال ، .....
الصمت يغدو تجليا في بعض الاحيان ولدى بعض الناس، او يكون فلسفة وعبادة كي تدع النفس تتأمل وهي صامتة.. اي بمعنى انها تقرأ كل ما يحيطها وما لا يحيطها وهي صامتة تجرى حواراتها في دواخل الاعماق.. الصمت عدا التأمل يمكن استخدامه ممانعة ورفضا واعتراضا.. اي انه تعبير عن حالة معينة من القطيعة باعلى درجات الشعور.. وعليه، فثمة مسيرة صامتة وخطابا تعبيريا صامتا.. ربما تستخدم فيه لغة مبهمة او لغة الاشارات والرموز.. كي تقوم الملامح مقام الخطاب..
وتمر بنا عبارات : لحظة صمت.. دقيقة صمت.. حلم صامت.. نظرة صامتة.. صمت القبور.. لغة الصمت.. التواصل الصامت.. الموسيقى الصامتة.. المسكوت عنه.. سؤال الصمت.. ساد الصمت.. لغة العيون.
باختصار : ان المتوارث في ثقافاتنا منذ القدم وحتى اليوم يقول بأن من يقول كلمته بشجاعة سيدفع ثمنها خصوصا اذا كان في مجتمع تغيب عنه الحريات، وفي بيئة تسودها شريعة الغاب، وفي مخاض تنعدم منه الموازين.. وكثيرا ما يصبح الرأي الاخر او الاجتهاد او النقد المخالف عرضة للتشويه والاستلاب، بل ربما يدمره التكفير والتخوين والقتل
ان القسوة هي التي علمت الانسان كيف يلبس الاقنعة المتعددة، ثم كيف يظهر ويختفي.. كيف يتكلم ومتى يصمت؟ الظلم هو الذي خلق من الانسان ان يظهر عكس ما يبطن والعكس وقت الضرورة صحيح.. ثمة من يقول ان الصمت هو من اجل الحيطة والحذر، والمعروف ان من يلوذ بالصمت هو نقيض من يهوى الثرثرة ونشر الفضائح.. ان مجتمعاتنا التي ارادت ان تتحرر في القرن العشرين من كل اوبئة الماضي، غير قاصرة في ان تمتلك ثقافة نقدية تساهم في تحقيق منجزات خارقة.. ونمتلك تاريخا من النضال السياسي.. وميراثا حضاريا من النقد وصناعة المواقف.. لقد انجبت مجتمعاتنا نسوة ورجالا على امتداد التاريخ كانوا نبراسا في الشجاعة والمقدرة وحسن التقدير وصناعة الخطط والمواجهة.. واليوم نفتقد الكثير من كل تلك السمات والخصائص والمميزات.. اذ ساد الاستسلام والاختفاء او التمرد والتوحش القاتل

Wednesday, May 21, 2008

مفهوم الحرية



مفهوم الحرية في الإسلام


سأبدأ حديثي بالمقدمات الآتية
>>>>>

أولاً -
ثمة أمور عندي غير قابلة للنقاش، منها الإيمان. فالإيمان بالله عندي تسليم وأنا مسلّم بوجود الله واليوم الآخر. وهذه مسلّمة. والمسلّمة هي أمر لا يمكن البرهان عليه علميا، كما لا يمكن دحضه علميا. ولهذا لا يجوز للملحد المنكر لوجود الله أن يقول: أنا ملحد لأن الإلحاد موقف علمي، ولا يجوز للمؤمن بوجود الله في المقابل أن يقول: أنا مؤمن لأن الإيمان موقف علمي. وعندي أن الإلحاد أو الإسلام خيار يختاره الشخص بنفسه ولنفسه. وغير قابل لأن يكون موقفاً إيديولوجياً لقيادة دولة أو مجتمع وفي هذا الخيار أنا من المسلمين
. ثانيا -
الإيمان بأن محمدا عبد الله ورسوله، وبأن الكتاب الذي نزل عليه وحي موحى من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس. وهذا عندي أيضا إيمان تصديق أنا به مؤمن كشأن إيمان التسليم الذي أنا به مسلم. وبهذا أنا من المؤمنين أتباع الرسالة المحمدية
ثالثا-
الكتاب الموحى لا يعتبر دليلا علميا، بل هو دليل إيماني. وعلى اتباع الرسالة المحمدية تقديم الدليل العلمي على صدقيته من خارجه. ولو كان القرآن دليلا علميا، لكفى أن نقول لأي إنسان قال الله تعالى كذا وكذا فيقبله. ومن هنا فان على اتباع الرسالة المحمدية عندما يخاطبون العالم أن يقدموا الدليل على صدقية ما ورد في المصحف من خارجه وليس منه. فالعقل كالمظلة لا يعمل إلا مفتوحا، فإذا أغلق توقف عن العمل، وتسبب في قتل صاحبه. وعلينا أن نفتح عقولنا حتى لا نموت. لكن الثقافة العربية الإسلامية الحالية ثقافة تقليدية تراثية نفتح الكتب والتلفزيونات والبرامج الثقافية، فنجد الثقافة العربية الإسلامية تعيد إنتاج نفسها، وتكرر نفسها. لماذا؟ لأنها ثقافة تقوم على القياس ولا تقوم على الإبداع، ونحن نحتاج إلى إبداع وليس إلى قياس. وهي بهذا الآن عاجزة عن إنتاج المعرفة.
نأتي الآن إلى المفاهيم والقيم
.
القيمة الأولى هي الحرية،
والقيمة الثانية هي العدالة
.
هاتان القيمتان كامنتان وراء كل الثورات الكبرى في العالم، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية. فحتى في الثورات ذات الجانب الدنيوي نجد هاتين القيمتين الحرية والعدالة. ثورة أكتوبر الشيوعية قامت من اجل العدالة قبل أن تقوم من اجل الحرية، وأعلنت صراحة أنها ديكتاتورية. وثورة الزنج قامت من اجل الحرية قبل أن تقوم من اجل العدالة. وهناك ثورات قامت من اجل الاثنتين معا. من الناحية النظرية، أين نجد مفاهيم الحرية والعدالة في تاريخنا العربي الإسلامي، وأين نرى هذين المفهومين في كتاب الله الموحى وفي سنة نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم). وكيف مورس هذان المفهومان في تاريخنا العربي الإسلامي
الحرية حتى هذه الساعة وعلى مر عصور التاريخ ليس لها وجود في الوعي الجمعي العربي والإسلامي.
هناك سببان
:
الأول معرفي بحت، والثاني سياسي. فالسبب المعرفي هو أن كلمة الحرية لم ترد في كتاب الله إطلاقاً، بل كل ما ورد في كتاب الله عن الحرية هو أنها ضد الرق. فقد ورد مصطلح (تحرير رقبة) خمس مرات في سور النساء والمائدة والمجادلة، وورد في سورة البقرة (178) مرة واحدة (كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد). إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }آل عمران35 وما عدا ذلك فلا نجد لكلمة الحرية ومشتقاتها أي وجود في التنزيل الحكيم وإذا انتقلنا إلى الحديث النبوي فنجد فيه كلمة العتق وهو معنى مقابل للرق، ولا نجد أي شيء عن الحرية، بل نجد فيه عكس ذلك كحديث حذيفة بن اليمان الذي يقول في آخره (اسمع وأطع الأمير ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك) (مسلم 3435 – )،
وقوله: (اسمعوا وأطيعوا ولو ولّيَ عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة) (البخاري 7142) وقوله (من بدّل دينه فاقتلوه) (البخاري 6411 – )
وقوله (عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرةٍ عليك) (مسلم 1836) وذلك يتعارض عمودياً مع حرية الاختيار
. والأدبيات الإسلامية التراثية وضعت طاعة أولي الأمر مع طاعة الله والرسول.
وأبرزت مفهوماً تاريخياً مشوهاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهكذا نجد أن الجانب المعرفي للحرية مفقود في الأدبيات مما يؤكد أن الحرية كقيمة ضعيفة في الوجدان العربي الإسلامي، هذا إذا كانت موجودة في الأصل. وهذا يؤكد أننا بحاجة إلى إبداع نظري حديث لتأصيل الحرية في هذا الوجدان، لأن الحرية في أدبياتنا التراثية لم ترد إلا بمعناها ضد الرق فقط، ولم تتحدث أبداً عن الحريات الاجتماعية والسياسية وما شابه ذلك. وهو السبب الأول الذي تم فيه ترسيخ مفاهيم الاستبداد ، والمؤسسة الوحيدة التي
وصلتنا سالمة تاريخياً هي مؤسسة الاستبداد وعلى رأسها الاستبداد السياسي (فرعون) يتبعها مؤسسة الاستبداد الديني (هامان)
أما العدالة فلها وضع آخر
فقد ورد الظلم مع مشتقاته في كتاب الله أكثر من ثلاثمائة مرة. والعدل الذي هو ضد الظلم (ويعرف الظلم بأنه وضع الشيء في غير محله) فهو موجود بشدة في الوجدان العربي الإسلامي. وإذا قيل عن إنسان انه عادل منصف أعجبنا ولم نسأل عن القيم الأخرى فيه. حتى عمر بن الخطاب أمير المؤمنين استعمل لفظ الحرية في موقع المساواة والعدالة حين قال عبارته المشهورة في حادثة القبطي مع ابن عمرو بن العاص "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا". قد يقول قائل: انه يذكر الاستعباد والأحرار. أقول: نعم، لكنه لم يكن يعني الرق ونقيضه. كان لايعني العدل في المساواة بين العبد والحر، بل المساواة بين الحر والحر. والدليل أن الرق كان نظاما متبعا أيام عمر، وكان العبد يباع ويشترى ويؤجَّر، ولم يفعل عمر شيئا من اجل إلغائه. ولو كان يعني بعبارته الحرية لفعل شيئاً من اجل الرق، لكنه لم يتدخل. ولكن ما الذي حصل بعدها؟ الذي حصل أننا من اجل العدالة قبلنا بعصا عمر، ومات عمر، وبقيت العصا. لا بل كبرت وغلظت. وصرنا نقرأ عن الرشيد أو المأمون انه كان ينزل متنكراً ليتفقد أحوال الرعية، فنمدحه ونترحّم عليه دون أن نسأل كم من المساجين كان في سجونه. صرنا نمدح الحجاج لأنه نقّط القرآن، وننسى انه كان في سجونه حين مات – بحسب رواية الأصمعي – اكثر من 66 ألف سجين. قبلنا ذلك كله لأن مفهوم العدالة هو المسيطر على رؤوسنا، قبلناه إلى حد أننا اخترعنا مفهوما جديدا هو مفهوم (المستبد العادل)، ومع ذلك كان هناك تجاوز للعدالة. فنحن حين ننظر في الإسلام التاريخي وفي ادبياته الفقهية التطبيقية، نجد أن مفهوم العدالة قد حل محله مفهوم المستبد العادل، وان الحاكم لا يعزل وإن جار أو ظلم. ولا يعزل حتى إن فسق أو أصيب بالجنون، لا يعزل ويحكم مدى الحياة. هكذا تبدو الحرية والعدالة في وعينا الجمعي وفي الكتب التي ما زالت تطبع حتى اليوم ونقبلها. ما زلنا نصفق للحاكم الذي يتنكر وينزل كي يتفقد أحوال الرعية، مع أنه لم يبق الآن ما يدعوه إلى التنكر بوجود مؤسسات مجتمع مدني وأهلي تقوم بهذا الدور.
ننتقل الآن لبيان الأساس النظري لمفهوم الحرية كما ورد في كتاب الله تعالى، وهل من المعقول أن الله سبحانه وتعالى لم يذكر هذه القيمة العظيمة ولم يهتم بها، ثم لنشرح بعده مفهوم الردة لما له من علاقة مباشرة بمفهوم الحرية. ففي كتاب الله مصطلحان: الأول هو العباد والثاني هو العبيد. فما الفرق بين العباد والعبيد؟ لقد ورد المصطلحان في كتاب الله، فهل نحن عباد الله أم عبيد الله؟ هذا هو السؤال. والجواب إن الناس هم عباد وليسوا عبيداً في كتاب الله تعالىلقد جاء المصطلحان من اصل ثلاثي هو "ع، ب، د" وهو من ألفاظ الأضداد في اللسان العربي التي تعني الشيء وضده معاً. وفعل (عَبَد)َ
يعني أطاع كما يعني عصى في الوقت نفسه. أي أن العبادية تعني الطاعة والمعصية. وقد ورد هذا المصطلح بمعنييه في كتاب الله تعالى. فقال تعالى بمعنى الطاعة (إياك نعبد وإياك نستعين) (الفاتحة 5). وقال تعالى بمعنى المعصية (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله...) (الزمر 53). وقال (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) (الزخرف 81). وقال تعالى بمعنى الطاعة والمعصية معاً (نبّئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم) (الحجر 49). وقال (والنخل باسقات لها طلع نضيد، رزقاً للعباد) (ق ،10 11). وقال (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (الذاريات 56). أي ليكونوا عباداً يطيعون ويعصون بملء إرادتهم واختيارهم. وليس كما يقول السادة العلماء أنه خلقهم ليصلوا ويصوموا ويكونوا عبيداً. فالعبودية غير مطلوبة أصلا. والله سبحانه لم يطلب من الناس أن يكونوا عبيداً له في الحياة الدنيا،"لآن ذلك لن يزيد او ينقص فى ملكوت الله>"فهو الغنى وهم الفقراء" ولذا الاوفق للصواب انه خلقهم ليكونوا عباداً، فيهم من يطيع فيصوم ويصلي، وفيهم يعصى فلا يصوم ولا يصلي...... إن حرية الاختيار التي يجسدها مصطلح العبادية هي كلمة الله العليا التي سبقت لأهل الأرض، وقامت عليها حكمة الخلق بالأساس، في قوله تعالى. (ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم...) (يونس 19 وهود 110 وطه 129 وفصّلت 45 والشورى 14).
ولهذا فحين نكره الناس على الإيمان أو نكرههم على الإلحاد تكون كلمة الله هي السفلى. ولهذا أيضا أمر رسول الله صلوات الله عليه بالجهاد من اجل أن تكون كلمة الله هي العليا. ولكن عندما يُكره الناس على الصلاة ولو في المسجد الحرام تصبح كلمة الله هي السفلى. وعندما نُكره النساء على الحجاب كما في أفغانستان أو نكرههن على نزع الحجاب تصبح كلمة الله هي السفلى. القضية إذن قضية "لا إكراه في الدين" وقضية حرية اختيار، لولاها لما بقي معنى ليوم الحساب ولا للثواب والعقاب. وتبين أن الحرية هي غاية الخلق في كتاب اللهننتقل الآن إلى المصطلح الثاني في كتاب الله تعالى وهو العبيد. لقد ورد هذا المصطلح في القرآن خمس مرات. (وأن الله ليس بظلام للعبيد) (آل عمران 182 والأنفال 51 والحج 10). (وما ربك بظلاّم للعبيد) (فصّلت 46). (وما أنا بظلام للعبيد) (ق 29). ونلاحظ أنها وردت كلها في مجال اليوم الآخر. لماذا؟ لأننا في اليوم الآخر عبيد ليس لنا من الأمر شيء. ولأننا في اليوم الآخر عبيد ليس لنا رأي ولا يحق لنا أن نتكلم أصلا. في الحياة الدنيا يؤمن الناس أو يلحدون يطيعون أو يعصون لأنهم عباد، أما في اليوم الآخر فلا وجود لحرية الاختيار، في اليوم الآخر هناك سَوْق. مثل السوق القسري إلى خدمة العلم. فيساق العصاة إلى النار تماماً مثلما يساق الطامعون إلى الجنة. يقول تعالى (وسيعود الذين كفروا إلى جهنم زمرا) (الزمر 71).
وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا) (الزمر 73). ونفهم من هذا كله أن الناس عباد الله في الدنيا وعبيد
الله في اليوم الآخر. كما يتضح لنا بكل جلاء أن مفهوم الحرية في كتاب الله تعالى سبق مفهوم العدالة، بدليل ورود الظلم مقرونا بالعبيد في الآيات الخمس. لماذا؟ لأن العبد المملوك لا يستطيع أن يقيم العدالة، ومن هنا اقترن الظلم بالعبودية. أما العباد الأحرار فلا حاجة لتذكيرهم بالعدالة لأنهم يستطيعون أن يقيموها بأنفسهم باعتبارهم أحرارا. وحين يملك المرء حرية الاختيار ويرتفع عنه سيف الإكراه يصبح قادرا على تحقيق العدالة وصنعها. وهنا أذكر أن لفظ العبد والأمه في كتاب الله لاتعني الرق، والتي هي مفرد عباد، أما مفرد عبيد فهي العبد المملوك كما ورد في قوله تعالى (ضرب الله مثلاًعبداً مملوكاً لايقدر على شيء


د. محمد شحرور بتصرف