Friday, November 5, 2010

حمارويه 2 ؟






هل انت حمار ؟



إذا قال لكم أحدهم يوماً "يا حمير"، فإن أول من سوف يرد على هذا المدعي أو يغضب منه أو حتى يكتم الغيظ سيكون هو الحمارالأكبر، لأن كل من يدافع عن نفسه وبأي صورة كانت، حينها يكون قد شعر بأنه قد هاجمه أحـد، وبأن هناك حماراً فعلاً بداخله. وللخروج من هذا المأزق يجب أن تكون قد عرفت قيمتك أمام الحمار، لهذا حاولت أن أعرف المعايير التي تقاس بها القيمة أو الثمن. فمثلاً

في سوق السيارات تتحدد الأثمان فيه وفقاً لمعايير ثابتة: النوع والموديل والحالة وسنة وبلد الصنع وأحياناً يتدخل اللون. فإذا كانت السيارة مرسيدس مثلاً ، وموديلها جديد سيكون ثمنها أعلى من قيمة الحمار نفسه لأنها من صنع ألمانيا .. رغم أن الحمار من خلق الله، ولكن سرعته وشكله وأيضاً ما يشاع على أخلاقه تؤثر على سعره ..

والحال نفسه يحدث في سوق المعادن الثمينة حيث وجدت أن الناس لا يحترمون الذهب (أرقى المعادن) بل يحترمون أصحابه أيضاً ويعتبرونهم أكبر قيمة. ثم لتاجر الفضة ثم النحاس حسب القدرة الشرائية، وهكذا يقل الاحترام إلى أن يصل إلى احتقار بائع الفحم ورجل القمامة رغم أنه الوحيد الذي يجعل شوارع وأحياء تجار الذهب نظيفة.

بهذه المعلومات كنت أريد أن أريح أعصابي من شدة التعب في التفكير في محددات القيمة، إلا أنني - وما زاد الطين بلة - لم أجد سوقاً للإنسان لكي أعرف قيمته، رغم أنني تجولت في سوق الماشية (بمناسبة البحث عن اضحية) وباحثاً عن تناقض فيه، ووجدت أن القيمة الفعلية لبعض الأشياء تكمن في ندرتها، فالندرة تسبب الجودة وهذا معيار اقتصادي .. ولكنها ليست معايير ثابتة حيث أن الأخلاق والصدق والأمانة والمسؤلية تعتبر سلعة نادرة ولكن قيمتها في هذا العصر ليست مرتفعة.

أما بالنسبة للصنع وبلد الصنع كمحددات للقيمة. يقول المعيار أنه إذا كان بلد الصنع عظيماً والموديل جديد يصبح المنتج مرتفع من حيث القيمة. ولكن هذا المعيار سقط في الامتحان أمام المصريين القدامى حيث أن أبو الهول حجارة على هيئة أسد مصنّعه منذ قدم الزمن، ومازالت مرتفعة القيمة...

إن ايجاد معيار أو تفسير مقنع لقيمة الأشياء من الأمور التي لها الاهتمام الأوسع. لذا تاهت قيمة المواطن والإنسان في هذه الضوضاء، فإذا كان سعر كيلو البصل كذا جنيه،

فكم يساوي المواطن بالكيلو إذا علمنا أن جرام الذهب عشرة دنانير .. النتيجة ... صفر .. لمــاذا؟ لأن الإنسان لا يمت لقانون الاقتصاد بصلة، فالإنسان يتواجد بكثرة وخاصةً في المستشفيات ومباريات كرة القدم، ورغم هذا فقيمته منخفضة جداً، ،،،،،

أما الموديل واللون فقد أثار اهتمامي هذا المعيار عندما انفجر المكوك الفضائي تشالنجر، فظهر في الجرائد وبخط عريض في أول الصفحات هذا العنوان: "وفاة سبع رواد في انفجار المكوك تشالنجر" وفي نفس الصفحة وبخط صغير كتب خبر مفاده موت عشرة ألاف طفل في افريقيا بسبب المجاعة

ويجب أن ننوه هنا إلى أن الإنسان يختلف عن المواطن ... فالإنسان من خلق الله، أما المواطن فهو من خلق الزمان والمكان، فالمكان الذي يولد فيه الإنسان يصبح مواطناً له، حتى وإن لم يجد نفسه فيه. إذاً فالمكان يعتبر معياراً مؤثراً في تحديد القيمة، فمثلاً حمار الحاج خليل جارنا لا يساوي ظفر أو نهيق حمار القاضي رغم أن الحاج خليل إنسان وكذلك القاضي ... ولتأكيد هذا المنظور، عندما مات حمار القاضي اجتمع الناس لتعزية القاضي .. لأن مكانة القاضي مرتفعة في المجتمع، وهنا الاحترام والتعزية، ليس للحمار رغم أنه من خلق الله بل للقاضي .. وللتأكيد على ذلك عندما مات القاضي لم يأت أحد .. لماذا لأن المكان الذي كان يشغله القاضي أصبح شاغراً، أي أن القاضي فقد مكانته في المجتمع، فالخاتم " أبو فص أسود" الذي كان يلبسه القاضي كان له قيمة كبيرة لأن مكانه كان في اصبع القاضي، أما عندما مات القاضي فإن سعر الخاتم سيكون على الميزان وبسعر الكسر...!؟ .

ولكن هل قيمة الإنسان نفسه تساوي صفر أمام الله .. بالنسبة لتحديد القيمة بين البشر فلا يهم إذا كانت قيمتك صفر لأن المكانة تقوم بإحداث تغيير كبير عليك وعلى قيمتك. فإذا جاء هذا الصفر وأنت على اليمين قد تتحول إلى عشرة أو مائة وهكذا.. إذاً فالمكانة لها الحل والربط بين البشر، أما بالنسبة لله فهي مسائل بسيطة ونسبية جداً حيث أنه من تواضعَ لله رفعه .. فقيمة حمار الحاج خليل هي نفسها قيمة حمار القاضي فما بالك بالإنسان ..

أما قيمتك أنت وكيف تتحدد، فلا توجد لها بورصة ولا ميزان ولا حتى شوال توضع فيه، حتى وإن كان هذا الشوال هو القبيلة او الحزب الحاكم .. لمـاذا؟ لأنك أنت الوحيد الذي سوف يضع قيمة لنفسه، فالناس تنظر إليك كما أنت تنظر لنفسك .. فإذا نظرت في داخلك واعتبرت نفسك إنسان، وهذا تميز بالطبع، سوف تكون حينها قاض، أما إذا مشيت مثل القاضي، ولبست مثله بدون أن تعكس ذلك من داخلك، حينها ستكون أرخص من حمار الحاج خليل، فجميع الناس مخلوقين من الطين، ومعرفتك من أي طينة أنت خلقت كفيلة بأن تجعل منك قاضي أو حمار ..

ويقينى وبدون أي شك أن الإنسان قد خلق من طين ولكن كل أرض طينية قد يخرج منها السنديان والنخيل والقمح، وهناك أرض يخرج منها الحنظل والخشخاش والقعمول. والفرق الوحيد بين الطين الذي نمشي عليه والطين الذي خلقنا منه هو أنك تستطيع أن تختار نوع النبتة التي سوف تكون عليها وسوف تشق الأرض وترتفع أو تزحف ..

ففي عقل كل إنسان هناك شئ يقوم بتربيته، ومن خلال معرفتك بالشئ الذي تربيه في عقلك تكون قد فهمت نفسك وعرفت قيمتك وسعرك في سوق البشر، ولا داعي بعدها أن تفتخـر أو أن تغضـب إذا قال لك أحدهم ..

انت انسان ام حمار

منقول بتصرف

ميلاد السـوقي

17 comments:

فاروق سحير ( فاروق بن النيل ) said...

صديقى العزيز صلاح sal
الحقيقة أن المعايير فعلا كما قلت تغيرت
فمن يعتبرونه إرهابيا نعتبره نحن فدئي
ومن يعتبرونه رائعا نعتبره مجرما
هل تذكر الكلبة لايكا التى ذهبت مع مكوك الفضاء السوفييتى والتى كانت حديث العالم وكأن الكلاب أصبحت أفضل من الإنسان لاتعلق بعد ذلك صديقى

Tears said...

مين بس اللى قال ان مافيش سوق للبشر ولا سعر

ما هو لو كان مافيش ما كانش بقى ده الحال

Unknown said...

أخي سال... المقال ذو فكرة عميقة تستحق مزيدا من التفكير فيها..

لكن دعني سريعا اقول:
* أحسب أن في الغرب هناك معايير واضحة لتثمين الإنسان .. طبعا على المستوى المادي وليس الروحي أو الغيبي (عند ربنا يعني).. بينما لا يوجد لدينا مثل تلك المعايير لأن كل شيء لدينا مشوه وغير منضبط...!!!!

* أختلف معك في أن غضب أحدنا من النعت بالحمورية يعني دائما أن هناك حمارا بداخله بشكل أو بآخر.. وإنما السب أو الشتيمة أيا كانت فهي تعني الإهانة، والنعت بالحمورية هنا يعني الإهانة (هكذا يحمل في أذهان الناس)..!

* ومع ذلك أذكر قصة (للمفارقة) قد تقوي موقفك عليّ :)
رُوِى عن أ/عباس السيسي (وهو أحد رواد الإخوان المسلمين الذي توفى منذ بضع سنوات وكان يتميز بالدعابة والبراعة في جذب القلوب إليه) أنه دهس قدم شخص آخر في مواصلة عامة، فغضب الرجل وصرخ فيه: إنت حمار؟ فأخرج له البطاقة وقال: لا ... أنا سيسي!!! فامتص غضب الرجل وكان الموقف بداية تعارف طريفة بين الرجلين. [السيسي: الحصان الصغير].

أنا - الريس said...

بعد السلام
والتحية

ازيك يا مستر سال
اي هوب يو أر فين .

قيمة الإنسان كما قلت يحددها الإنسان
وإن كان هناك متغيرات في تحديد القيمة
وكما قلت فيما معناه أن القدر بإذن
الله هو المحدد لمكان وزمان الإنسان .
فمثلا العالم هنا في مصر قيمته - بوم بوم تك -
أما العالم في اليابان - هضبة -
واليابان - العالم - مواطن يجل .
المهم
الظروف بتكون لها سعر أكبر من القيمة
وأكبر من تقييم الإنسان لنفسه .
وعايز اصرخ وأقول أنا موش موش موش . بس خلاص

جايدا العزيزي said...

انا معاك ان المعايير اختلفت

والقيم والمبادئ صارت لا تجدى

وسوق البشر

لسه موجود بس انواع

موضوع رائع

وسعدت بالحوار فيه

اشكرك

تحياتى

Noha Saleh said...

فعلا المعايير متلخبطة على الاخر
انا متفقة معاك فى حاجات كتير من التدوينة دى

محمود المصرى said...

سوق البشر موجود ده كمان فى سوق ضماير بيع ضميرك للى يدفع اْكتر وكمان فى سوق بيع الاْحساس هات اْحساسك وخد شوية برود وعليهم الرخامة هدية
صدقنى كل شىْ بيباع ويتشرى ياله على الدنيا السلام
متنساش تشوف موضوعى الجديد وكل عام وانت بخير
اخوك
محمود المصرى

Haytham Alsayes said...

وهل البشر في مصر لهم قيمة ؟
طبعا الاجابة لا
اللي معاه نفوذ وفلوس اكتر
لان احنا بيحكمنا حكم اولجاركي
يعني حكم اقلية
معاه النفوذ والفلوس
لو عندك كتاب من يحكم مصر لسامية سعيد هتعرف الكلام دة
كل الشعب ملوش ادني قيمة الا من امتلك نفوذا وفلوسا

روما القديمة كانت تحكم بنفس المنطق الاهبل دة
اللي معاه ارض زراعية اكتر هو من يتحكم

ياريت لو عندك الكتاب تديني الرابط بتاعه عشان عاوز اكتب عن الموضوع دة من زمان ودايخ علي الكتاب

تحياتي ياصديقي

sal said...

استاذ فاروق


كل واحد يقيم نفسه على مزاجه
اللى شايف نفسه انسان يفضل انسان واللى عايز يبقى حمار برضو هو حر

تييرز العزيزة
لالالالالا ماحدش قال مفيش سوق للبشر
ههههه
فيه اكيد
بس كل واحد يحدد سعره بنفسه


صديقى ماجد
صدقت
كل شيء لدينا مشوه وغير منضبط...!!!!



تحياتى وتقديرى لكم

sal said...

سىادة الريس
مستر برزدنت
ولى امرنا
تاج راسنا
حبيب الملايين
كبير الكبراء
انا بخير
طمنونا عنكم
اكيد انت
موش موش موش
""""""


جايدا

سوق البشر وااااااسع
وكبيييييير
تلاقى فيه من اسفل السافلين
الى احسن تقويم

"""""""""""""""


نهى

الحمد لله ان فيه حاجات عجبتك فى هذه التدوينة
سعدت بمرورك

"""""""""

تحياتى وتقديرى لكم

sal said...

محمود

المرة دى تعليقك عجبنى
عن كل مرة فاتت
شكرا اخى

""""""""""

صديقى هيثم

ارسلت لك ايميل ارجو الاطلاع
يارب اقدر افيدك بحاجة
من يملك مصر
؟؟؟؟؟

"""""""""""""""


تحياتى وتقديرى لكما

Haytham Alsayes said...

صديقي سال
معلش الميل تقريبا ناقص لم تظهر الروابط اسف جدا لو قلتلك ابعتلي الرسالة تاني
هاتعبك معايا
بس كل بثوابه
وهنيالك يافاعل الخير

sal said...

هيثم العزيز

المحاولة التانية تمت

طمنى الايميل وصل والا لا

تحياتى

Haytham Alsayes said...

وصل يافندم
جزاك الله خيرا

عباس ابن فرناس said...

سال فيه حاجه غريب عايز اقولك عليها الصفحه بتعتك بايظه عندى ومش عارف اقرا الموضوع بتاعك برغم ان صفة التعليقات ظاهره كويس وبما انى خيخا فى موضوع التكنلوجيا بتاعتكم مش عارف المشكله منين
تحياتى

sal said...

عباس
عشان خاطرك اعدت ارسال البوست محاولا مزيدا من التوضيح

ارجوا ان اكون افلحت فى ذلك

تحياتى

Anonymous said...

أنا أحب موقعك. ممتاز المحتوى. الرجاء مواصلة نشر cotent عميق من هذا القبيل.