Tuesday, September 15, 2009

الجمع بين المختلفين







من حق الناس أن تتشدد في الدين وأن تتزمت وأن تتطرف أيضًا، هي حرة لكن المشكلة أن من يعتقد أو يعتنق التشدد والتطرف الديني يؤمن بأنه-

1
يملك الحقيقة المطلقة والكاملة
2
أن غيره علي خطأ أو علي ضلال أو علي كفر
3
أن التشدد والغلو والتطرف تفرض علي صاحبها أن يلزم الآخرين بفكره وبرأيه إقناعًا أو إجبارًا
ووسط الصخب المتمسح بالدين وفي قلب التدين القشري الشكلي لم يعد لدينا الكثير ممن نتلمس عندهم الحكمة ونسمع منهم الموعظة الحسنة. فشيوخنا إما جالس علي عتبة السلطان أو متشدد متنطع يهذي بالتكفير ويظنه تدينًا ودينًا أو تاجر دين يبيع البضاعة حسب الزبون أو خدام لدي الوهابيين الذين يمولون جمعيات دينية وشيوخًا وقنوات فضائية وبرامج ومساجد ومعاهد وصُرر الدنانير تعودت علي شراء ذمم تجار الدين منذ أيام معاوية وحتي الآن،. نادر جدًا هو الشيخ الذي يُبشر ولا ينفر، يُيسر ولا يُعسر، ينير ولا يُعتم، يهدي ولا يُضلل، يوسع ولا يُضيق، يُصارح ولا يُنافق، يُضيف ولا يُخيف، يعطي ولا يأخذ.. وقد علمتني التجارب والمتاعب أن الذي يتعمق في الدين تشتد سماحته، تتسع مداركه، تتضح أحكامه السمحة وأفكاره المنفتحة، أما التطرف، التشدد والتنطع فهو يعبر عن جهل قبل أن يعبر عن غلظة، ينطق بالسطحية والهشاشة أكثر من الفظاعة والفظاظة

وحين يعود المرء لأمهات الكتب، مراجع الأئمة، كتب تفسير القرآن الكريم وعطاء الأمة الفكري والديني يكتشف أن هذا الدين أعظم كثيرًا من المتدينين به، أن هذا العلم الديني أعلي مقامًا، أغلي مكانة من كثير ممن يفتون به وفيه، فديننا لا دين المتطرفين ، دين يدعو إلي الحوار والعقل والتفكير والخلاف والاختلاف والانفتاح الفكري، ولاشك أن هذا الدين دين سماوي لكل البشرية لا يغلق أبواب اجتهاده؛ بل الثقافة الإسلامية تؤمن بالتجديد ولا تضيق به وتفتح ذراعها له سواء كان تجديدًا في الدين أو تجديدًا في الحياة. إنه لا أحكام مسبقة ولا دوائر مغلقة في إبداء الاجتهاد، النقاش والكتابة والتدارس في الدين.. بل هو ميدان يجب أن يكون مفتوحًا للكافة، لكل من يريد أن يتصدي فيه دون قيد ولا شرط، فقط الحوار، التفاعل، الجدل، التناظر، ، مواجهة الشطط والغلط، تفنيد الأسانيد والمزاعم، الكتب ضد الكتب، الحوارات ضد الحوارات، هذه هي سبيل كشف الزيف، وفضح الضعف، مؤمنين تمامًا بأن ليس كل تقليد جمودًا، ليس كل تجديد باطلاً، ليس كل تقليد اتباعًا وليس كل تجديد إبداعًا وابتداعًا (!!).، نحاول أن نتقارب، نتحاور، نجمع لا نشتت ونناقش لا أن نكفر، لا نقسم الناس إلي معسكرين بل نسعي إلي أن يكونا معسكرًا واحدًا، كبيرًا وواسعًا يجمع بين المختلفين والمتناقضين في أشياء والمجمعين علي أشياء أخري ليكن بيننا خلاف وخلافات لكن في إطار سعينا
جميعًا إلي خير الأمة، لكن المشكلة أن الأمة غائبة أو نائمة في أحضان التطرف مدفوع الأجر أو مندفع الأمر
!!!

ابراهيم عيسى بتصرف


2 comments:

TAFATEFO said...

كل عام وحضرتك بخير

sal said...

شكرا اخى الكريم ...وكل سنه وانت بالف خير