Friday, April 24, 2009

نبدأ من الحرية


نبدأ من الحرية






يقول البعض عن الدين إنّه وسيلة لاستعباد الإنسان ، لأنه يحبسه ويمذهبه ويطيّفه ويجعله يخضع ، حتى إن البعض قال إن الدين يوحي للإنسان بالضعف ، وذلك عندما يقول الإنسان: «لا حول ولا قوة إلا بالله»، فكأن الإنسان ينفي الحول عن نفسه وينفي القوة عن نفسه، وأيدهم اخرون قائلين إن الدين يعلِّم الإنسان الضعف والعجز والخضوع،...

فهل الدين نفسه ام فهمنا الخاطىْ هو المسئول عن تلك الرؤية ؟

... هؤلاء الناس برأى أنهم يتحدَّثون عن الله تعالى، ويرونه يمثِّل وجوداً في مقابل الإنسان؛

فهناك الله وهناك الإنسان،...

اذا هناك الحرب بين الله وبين الإنسان،

وهناك العبودية بين الله وبين الإنسان...!!

والسؤال هنا حسب المنظور الايمانى > من هو الإنسان ؟؟؟؟؟

{إني خالق بشرٌ من طين* فإذا سوَّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}

(ص/71-72

، هل يملك الانسان أن ينفصل عن الله فيكون شيئاً آخر، أو كياناً آخر ووجوداً آخر، وروح الله في داخل كل كيانه؟!

أنت إنسان الله في الوقت الذي أنت عبد الله، ولكن هناك فرق بين عبودية الإنسان لله وعبودية الإنسان لإنسان آخر،

لأنّ عبودية الإنسان للإنسان الآخر تسقط إنسانيته، وتجعله شيئاً كاللاشيء، تجعله وجوداً كاللاوجود، تجعل وجوده صدى للآخر، وحياته ظلاً له، وأن تكون عبداً للإنسان معناه أن لا تكون أنت، بل أن تكون الآخر .....

ولكن أن تكون عبداً لله، أن تكون كهذا الوجود الذي أنت فيه، أن تكون صنعة الله، أنت منه، من خلقه، هو الذي أعطاك حريتك عندما أعطاك عبوديَّتك له، فإنّ عبوديتك لله تعني أنك تحتضن معنى الله في نفسك، فتعبده لتؤكد معنى إنسانيتك في شكر النعمة، وتطيعه لأنك تعرف أنه هو سرّ الكون كلّه، وسرّ الحياة كلها، وطاعته هي أن تكون إنسان القيم

لذلك عبوديتك لله ليست منفصلةً عن حريتك، بل إن معنى التوحيد في معنى العبودية، هو أن تكون عبداً لله من حيث إنّك خلق الله وحرّ أمام العالم كله، لأنك عندما تستعبد نفسك لأيَّة قوة في الكون، ، كما كان الآخرون يستعبدون أنفسهم للكواكب ولكلِّ الظواهر الكونية، فإنك لا تكون موحِّداً لله، وأيضاً عندما تستعبد نفسك لأيِّ إنسان يملك بعض القوَّة، فلا تكون موحِّداً لله تعالى، لأن ربك هو الله وحده ولا ربّ غيره...واذا كان من واجب المؤمن"" ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله"""

لذا علينا أن نبدأ من الحرية، أن لا نترك أية فرصة لتأكيدها، فنبدأ من البيت، لأن البيت عندنا، ، هو البيت الذي يصنع العبودية، فنجد أن المرأة مسلوبة الحرية في حركتها، كذلك الأولاد ليس لهم حرية حتى لو دخلوا الجامعة، في أن يتكلّموا أمام الأب، فالأب هو الديكتاتور، لا كلمة إلا كلمته، ولا رأي إلا رأيه

وتنطلق هذه الديكتاتورية من الأب إلى المسؤول الصغير والمسؤول الأوسط، ثم تتحوّل إلى حاكم ثم إلى إمبراطور. من الذي يصنع العبودية في داخلنا؟ إنها طريقتنا في التربية ، هي التي تصنع العبودية في الداخل، في الدين ليس هناك مقدَّس إلا الله، وليس هناك مقدَّس إلا الأنبياء الذين أعطاهم الله بعض القداسة ، لكن هل نحن معنيون بتقديس الإنسان غير المقدَّس؟ لماذا نقدِّس الحاكم؟! لماذا نقدِّس الشخصيات الدينية؟! لماذا نقدِّس الشخصيّات السياسيّة والاجتماعية؟! ....

لا نريد أن نسقط أحداً، ولكننا نريد أن نقول إن الذي يعبد الله لا يعبد الإنسان

ولذلك فلتسقط كلُّ عبادةٍ للشخصيّة، سواء كانت شخصية دينية أو سياسية أو اجتماعية، لنحتفظ بحرّيتنا، لأنك عندما تعبد شخصاً لن تكون حراً.

وعلينا أن نعمِّق مسألة الحرية في كلِّ أوضاعنا لنعمّق حرية الفكر فينا، فبعض الناس لا يزالون يعتبرون حريّة الفكر كفراً وهرطقةً وزندقةً، ولكنّنا عندما نعطي الفكر حرَّيته ، وبتفاعل الرأى والرأى الاخر فإن هذه الحرية

تبدع فكراً جديداً ،بينما الضغط على الحرية يجعل الفكر يسقط ويتضاءل، ولكن عندما تعطي الفكر حريته وتحاوره وتناقشه وتنقده، عند ذلك يمكن لك أن تعطي فكراً جديداً

إن الذين يحبسون الأفكار في سجونهـم، هؤلاء هم المسؤولون عن تجميدنا منذ مئات السنين حتى الآن. بعض الناس يقولون إن الحرية الفكرية يمكن أن تسقط الدين، وأنا أتصوَّر أن الحرية الفكرية هي التي يمكن أن ترفع الدين، هي التي تنقذ الدين من الخرافة، وتنقذه من التخلّف، ومن الفهم الخاطئ




No comments: